للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد مرَّ معك من كلام إمامنا النووي أن صفة إحرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت الإفراد، فلم يكن قارناً ولا متمتعاً لذلك حمل الشافعية أحاديث الأكل من هديه - صلى الله عليه وسلم - وأكل غيره من هدي نفسه أو من هدي غيره، على أنها أكل من هدي التطوع؛ لأن الإفراد لا دم عليه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان مفرداً، فالأكل من هديه ليس له إلّا هذا الوجه.

القسم الأخير هو الذي يطلق عليه الفقهاء هدي الجبران وهو الذي يقع جبراً لخلل حادثٍ في الحج أو العمرة كالإحصار أو ما يلحق به من الجنايات كارتداء المحيط أو ستر الرأس، أو حلق الشعر قبل وقت التحلل.

هذا الهدي باتفاق الحنفية والشافعية والحنبلية لا يؤكل منه (١)؛ لأنه دم واجب باتفاقهم؛ لأنه دم كفارة وجزاء على جناية فلا يطعم منه، ويجب التصدق بجميعه لفقراء ومساكين الحرم (٢).

والخلاصة: أن الدماء الواجبة لا يطعمها ولا يبيعها وعليه أن يتصدق بها جميعاً، وأن هذه الدماء هي الهدي النذر، والأضحية النذر، ودماء الكفارات ودم التمتع


(١) قال مالك: يجوز الأكل من كل الهدي الواجب، إلا جزاء الصيد، ونذر المساكين ونسك الأذى، وربما استدل مالك بما رواه البخاري موقوفاً على ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لا يؤكل من جزاء الصيد والنذر ويؤكل مما سوى ذلك" قال العلامة ابن حجر العسقلاني فيه: وصله ابن أبي شيبة عن ابن نمير عنه بمعناه ٣/ ٧٠٤.
(٢) الحج والعمرة في الفقه الإسلامي د. نور الدين عتر ص ١٧٠، ومناسك الحج والعمرة وآداب الزيادة د. محمد توفيق رمضان البوطي ص ١١٦ - ١١٧.

<<  <   >  >>