للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨)} [الدهر: ٨]. وفي جعل الإطعام من البر قال تعالى:

{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخَرُ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ} [البقرة: ١٧٧].

كيف لا، والبذل في وجوه الخير تضحية للغير؛ لإقامة الحضارة في هذه الدنيا الفانية، رجاء ما يدخره الله لنا من الأجر من حصاد مضمون في الآخرة الباقية.

كيف لا وقد ربط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج المبرور بوجوه الإنفاق في الخير، عندما قال صلوات الله عليه وسلامه: "الحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة، فقيل يا رسول الله ما برّ الحج؟ فقال: طيب الكلام، وإطعام الطعام"، فجعل بذل الطعام لمن يحتاجه أمارة على الحج الخاص الذي ينال به صاحبه أعلى الرتب.

كيف لا والصدقة هناك يضاعفها ربنا للمحسنين.

قال الإمام حجة الإسلام الغزالي وهو يتعرض لدقائق أسرار الحج: "الثالث: التوسع في الزاد وطيب النفس بالبذل، والإنفاق من غير تقتير ولا إسراف، بل على الاقتصاد، وأعني بالإسراف التنعم بأطايب الأطعمة، والترفه بشرب أنواعها على عادة المترفين" (١).

فالإنفاق على وجوه الخير المختلفة مهما بلغ هو سنة مستحبة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما دامت في حدود الحاج وإمكاناته.

والإنفاق على ألوان الأطعمة والأشربة على عادة المترفين هو إسراف يتنافى مع الحكمة التي يدور حول محورها الحج إلى بيت الله الحرام.

وطيب الزاد مع التوسع فيه من غير إسراف في ذلك علامة الكرم الذي شجع


(١) إحياء علوم الدين لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي، من كتاب أسرار الحج، باب دقائق الآداب في الحج ص ٢٦٣ - ٢٦٤.

<<  <   >  >>