للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجر الهيتمي الشافعي: "قوله والتبسط في ألوان الأطعمة، محله كما هو ظاهر، وعليه يدل سياقه فيما إذا كان يفعل ذلك لنفسه بلا عذر، أما لغيره لعذر فلا بأس به، بل قد يتأكد في حق ضيف وغيره، ولا يبعد كراهة نحو الترفه (١) له بعد الإحرام نظير الصائم" (٢).

فالتواضع في مسيرة الحج إلى بيت الله الحرام عنوان، يتناسب مع الحاج القاصد لوجه ربّه الكريم، في رحاب المعبد الإسلامي التوحيدي الكبير، لكن هل يتعارض ذلك مع ركوب الطائرات من باب أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت راحلته زاملتَه؟

ركوب الطائرات، وما توفره من خدمات جليلة لضيوف الرحمن، وفي مقدمتها سهولة الوصول، وسرعة القدوم بما يحفظ الوقت الثمين، أمر طيب ومحبب لاسيما وأن الوقت هو رأس المال النفيس الذي حرص الإسلام على استثماره وتوظيفه في بناء الحضارة الإسلامية فوق هذه الأرض مما يجعلني أجزم أنه لا يمكن العثور على فقيه يختلف معي في أنّ امتطاء صهوة هذا المركب المستحدث لا يعد لوناً من الرفاهية التي تتعارض مع تواضع الوسيلة والغاية في مدرسة هذا البناء الشامخ، لاسيما وأنها تنسجم مع شرط من شروط هذه الرحلة وهو أمن الطريق؛ حيث تعد خطوط السفر الجوي


(١) أكرر هنا ما سبق أن سقته لك بين الأسطر السابقة، وهو أن ذلك لا يدخل في عداد المحرمات؛ لأنه تقلب في نعمة أباحها الله من قادر عليها، لكن ليس كل مباح مستحب في كل وقت، أرأيت إلى التبسط في ألوان الأطعمة والأشربة في رمضان، والإقدام على التزين، والإقبال على الشهوات المباحة كشم الرياحين، والنظر إليها، والعَلْك، و .... إلخ، لذلك فإنّ سياحتي هذه تهدف إلى وضع الأمور في نصابها على ضوء الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح، ثم التحذير من كل ما يتنافى مع أهداف هذه المؤسسة الإنسانية السامية. اُنظر في استحباب ترك الشهوات تهذيب تحفة الحبيب للعلامة شهاب الدين أحمد بن حجازي الفشني ص ١٩٠.
(٢) اُنظر الحاشية للعلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي ص ٥٣.

<<  <   >  >>