للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - طاف للإفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلاً بالظهر الثانية التي بمنى وهذا كما ثبت في الصحيحين في صلاته - صلى الله عليه وسلم - ببطن نخل أحدُ أنواع صلاة الخوف فإنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بطائفة من أصحابه الصلاة بكمالها وسلم بهم ثم صلى بالطائفة الأخرى تلك الصلاة مرة أُخرى فكانت لهم صلاتان وله صلاة وأما الحديث الوارد عن عائشة وغيرها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخر الزيارة يوم النحر إلى الليل فمحمول على أنه عاد للزيارة مع نسائه لا لطواف الإفاضة، ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأحاديث وقد بسطت إيضاح هذا الجواب في شرح المهذب والله أعلم" (١).

كمال قال الإمام النووي عقب هذا:

"قوله فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انْزِعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلواً فشرب منه" أما قوله - صلى الله عليه وسلم - انزِعوا فبكسر الزاي ومعناه استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء (٢). وأما قوله فأتى بني عبد المطلب فمعناه لولا خوفي أن يعتقد الناس أن ذلك من مناسك الحج ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاستقاء وفيه فضيلة العمل في هذا الاستقاء، واستحباب شرب ماء زمزم فهي البئر المشهورة في المسسجد الحرام بينها وبين الكعبة ثمان وثلاثون ذراعاً (٣) قيل: سميت زمزم لكثرة مائها يقال: ماء زمزم وزمازم إذا كان كثيراً وقيل: لضم هاجر رضي الله عنها لمائها حين


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٣٤٨.
(٢) الرِّشاء الحبل وجمعه أرشية. أما رِشا ورُشا فجمع رِشوة وهي عن بحثنا بمعزل.
(٣) أي ٢٤ و ١٨ متراً بتقدير الذراع بـ ٤٨ سنتميترا كما جرى بذلك عرف الفقهاء.

<<  <   >  >>