للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انفجرت وزمها إياه. وقيل: لزمزمة جبريل عليه السلام وكلامه عند فجره إياها. وقيل: إنها غير مشتقة ولها أسماء أخر ذكرتها في تهذيب اللغات مع نفائس أخرى تتعلق بها منها أن علياً - رضي الله عنه - قال: خير بئر في الأرض زمزم وشر بئر في الأرض بَرَهَوْتُ والله أعلم" (١).

وفي ذيل مسك الختام لا أملك إلّا أن أنظر بعمق في هذا الذي ساقه جابر في حديثه في آخر ما رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستعرضاً من خلاله ما ورد فيه من أحاديث، وما نقل في فضله من روايات، وما جاء في حكمه من مسائل وأشياء أخرى تدندن حول هذا الموضوع وتصب في مجراه:

أول ما أبدأ مقالتي به ما ورد عن زمزم من كلام جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال:

"فصلى بمكة الظهر فأتى بني المطلب يسقون على زمزم فقال انزعِوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلواً فشرب منه".

وثاني ما أعرج عليه ما رواه أحمد في مسنده عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى زمزم فنزعنا له دلواً فشرب، ثم مجّ فيها، ثم أفرغناها في زمزم، ثم قال: لولا أن تغلبوا عليها لنزعت بيدي" (٢).

وبهذا نعلم أن ماء زمزم اجتمع فيه ما ورد في فضله من الخير واليمن، وما جاء في هذا الحديث من مخالطة ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشريف لمائه المبارك بعد أن حلّ فيه، وبهذا ينال من يأتي بعده من أمته نصيباً من سؤر المصطفى - رضي الله عنه -، وبركة طهوره.

وفي قصة إسلام أبي ذر الغفاري أكثر من شاهد صحيح على فضل ماء زمزم فقد


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٣٤٨ ـ ٣٤٩ أقول: بَرَهُوْتُ وادٍ بحضرموت. اُنظر مجمع الزوائد في زمزم ٣/ ٢٨٦.
(٢) مسند الإمام أحمد بن حنبل برقم (٣٥٢٧). قال محققوا مسند أحمد في الموسوعة الحديثية: إسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <   >  >>