للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى الإمام مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة عن أبي ذر أنه دخل مكة وجلس فيها زمناً طويلاً حتى قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان أول من استلمه وحياه، وهاكَ الحديث ابتداء من هذا الجزء منه " ... وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه (١)، ثم صلّى، فلما قضى صلاته قال أبو ذر: فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام قال: فقلت: السلام عليك يارسول الله فقال: وعليك رحمة الله: ثم قال: من أنت؟ قال: قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته فقلت: في نفسي كره أن انتميتُ إلى غفار فذهبتُ آخذُ بيده فَقَدعَني صاحبه (٢) وكان أعلم به مني، ثم رفع رأسه ثم قال: متى كنت ههنا؟ قال: قلت: قد كنت ههنا منذ ثلاثين ليلةٍ ويومٍ قال: فمن كان يطعمك قال: ما كان لي طعام إلّا ماء زمزم فسمنت حتى تكَسَّرَتْ عُكَنُ بطني (٣) وما أجد على كبدي سُخْفَةَ جوع (٤). قال: "إنها مباركة إنها طعام طعم (٥) " (٦)

فقال رسول الله: يارسول الله ائذن لي في طعامه الليلة ... " (٧)

إذن ظلَّ الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة - رضي الله عنه - في مكة المكرمة ثلاثين يوماً وليلة وليس في حوزته طعام ولا شراب إلّا ماء زمزم ومع ذلك فقد سمن


(١) اُنظر إلى فضل أبي بكر - رضي الله عنه - كيف كان ملازماً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومؤيداً وتابعاً وصحابياً ومخلصاً لم يصل أحد من الصحابة الكرام - وكلهم على الرأس والعين - إلى رتبته وحظوته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(٢) أي كفني.
(٣) أي انثنت عُكَنُ بطني لكثرة السمن وانطوت. والعُكَنُ جمع عُكْنَة وهو الطيّ الذي يحدث في البطن من السمن.
(٤) سُخْفَةُ الجوع بضم السين وفتحها رقة الجوع وضعفه وهزاله.
(٥) طُعْم بضم الطاء وإسكان العين ومعناها كما قال النووي: أي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام.
(٦) هذه هي رواية مسلم وزاد الطيالسي من الوجه الذي أخرجه مسلم برقم (٤٥٧) وشفاء سقم أي روى قطعة مسلم وزاد ما ذكرت .. اُنظر فتح الباري ٣/ ٦٢٢، والموسوعة الحديثية على مسند أحمد ج ٢٣ ص ١٤٢.
(٧) صحيح مسلم برقم (٢٤٧٣/ ١٣٢).

<<  <   >  >>