للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن تمام الخصوصية أنها على قولٍ من الآيات البينات (١) التي وردت في قوله تعالى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: ٩٦ ـ ٩٧].

من كمال المزية التي لا يشاركها فيها ماء آخر، أنها شراب الأبرار بتصريح روايتين إحداهما عن ابن عباس، والأخرى قرئت عند أهل الكتاب. جاء في أخبار مكة للأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صلّوا في مصلّى الأخيار، واشربوا من شراب الأبرار. قيل لابن عباس: وما مصلّى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب. قيل: وما شراب الأبرار؟ قال: ماء زمزم" (٢).

وعن وهب بن منبّه قال في زمزم: "وإنها لفي كتاب الله سبحانه شراب الأبرار" (٣) أي في كتب الله السماوية السابقة.

وأياً ما كانت صحة هذه الروايات، فإنها في معنى لا يختلف عليه من أصحاب الإيمان اثنان؛ لأن مكة بلد الله الآمن الذي اختصّ باستقبال الأبرار في رحابه؛ ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب منه وهوإمام الأبرار المتقدمين منهم والمتأخرين، ثم هل خلق الله ماء زمزم أول ما أجراه إلّا لاثنين من خواص القوم الكرام البررة، وهما هاجر عليها السلام وولدها رسول الله إسماعيل - صلى الله عليه وسلم -.

ثم أليس يَقصد زمزمَ اليوم المؤمنون بالله وبرسوله وبسائر الرسالات السماوية


(١) نقل ذلك كثير من المفسرين كما ذكره صاحب فضل ماء زمزم لسائد السمان (٨٩).
(٢) نفس المرجع ص ١٦٥، وقد نقله عن أخبار مكة للأزرقي ١/ ٣١٨، و ٢/ ٥٢ - ٥٣
(٣) نفس المرجع والصفحة، وقد نقله عن أخبار مكة للأزرقي واللفظ له ٢/ ٤٩، والفاكهي ح ٢ ص ٤٤، ومصنف عبد الرزاق ٥/ ١١٧

<<  <   >  >>