للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقط من سائر البشر؟

ألا يُحمل الماء المبارك من مكة إلى الأبرار من هذه الأمة في شتى بقاع الأرض، ممّن لم يكتب لهم معاينته في أرضه التي منها نبع؟

ألا يعني لنا الكثير أن زمزم هوسقيا ضيوف الرحمن ووفده من الحجاج والعمار، وفيهم العارفون المحبون من أبرّ الأبرار؟ لا بل هكذا جرت سنة أهل مكة في سلف هذه الأمة فعن مجاهد قال: ما رأيت ابن عباس رضي الله عنهما أطعم ناساً قط، إلّا سقاهم من ماء زمزم (١). وروي موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان إذا نزل به ضيف أتحفه من ماء زمزم (٢). لا بل ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما نسبة ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث وإن كان فيه مقالة، لكن يعضده عموم وخصوص ما ذكر قبل (٣).

ومن أكثر ما يدفع المسلم إلى بركة ماء زمزم بعد قول وفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السابق ما أورده الإمام أحمد في مسنده عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ماء زمزم لما شُرِبَ له (٤)، وهوالحديث الذي روي في سنن ابن ماجة (٥) أيضاً وغيره، وتلقّته


(١) نفس المرجع ص ١٧١
(٢) نفس المرجع والصفحة
(٣) نفس المرجع والصفحة وقد ذكر في تخريجه أنه ذكره أبونعيم في الحلية ٣/ ٤٠٣، وأن السيوطي رمز في الجامع الصغير ج ٥ ص ٩٦ بالضعف، وأنه خرّجه الفاكهي في تاريخ مكة ج ٢ ص ٤٦ موقوفاً. كما نقل عن الفاسي في العقد الثمين ج ١ ص ٩٢ عن الحافظ الدمياطي تصحيح إسناده، وأن الحافظ ابن طولون ذكره في التزام ما لا يلزم (مخطوط) وأنه حديث حسن، أما نص الحديث فعن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يُتحفَ الرجلَ بتُحفةٍ سقاه من ماء زمزم.
(٤) مسند الإمام أحمد برقم (١٤٨٤٩) وبرقم (١٤٩٩٦)، وقد جاء في الموسوعة الحديثية على مسند أحمد: حديث محتمل للتحسين، عبد الله بن المؤمّل ضعيف، لكنه متابع، وأبوالزبير صرّح بسماعه من جابر عند البيهقي في السنن، لكن في الإسناد إليه من لم نتبيّنه، وقد نقل السخاوي عن الحافظ ابن حجر أنه قال فيه: إنه باجتماع طرقه يصلح للاحتجاج به. وحسنه ابن القيم في زاد المعاد ٤/ ٣٩٣، والمنذري في الترغيب والترهيب: ٢/ ٢١٠ ... وقد ساقا فيه كلاماً طويلاً يفيد التحسين من ذلك قولهما: قلنا: رواية مجاهد الموقوفة أخرجها عبد الرزاق في مصنفه (٩١٢٤)، عن سفيان بن عينيه، وأخرجها كذلك الأزرقي في تاريخ مكة ٢/ ٥٠ عن جده، عن سفيان. وأخرجها عبد الرزاق (٩١٢٣) عن معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن مجاهد قولَه. وهذا الأثر يعتضد به الحديث المرفوع، فمثل هذا لا يقال بالرأي. اُنظر الموسوعة الحديثية ج ٢٣ من ص ١٤٠ - ١٤٢.
(٥) سنن ابن ماجة (٣٠٦٢) وقد قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي: قال السيوطي في حاشية الكتاب: هذا الحديث مشهور على الألسنة كثيراً. واختلف الحفاظ فيه، فمنهم من صححه، ومنهم من حسنه، ومنهم من ضعفه والمعتمد الأول ثم قال: قال السندي: قلت: وقد ذكر العلماء أنهم جربوه فوجدوه كذلك. اُنظر سنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٠١٨.

<<  <   >  >>