بئر زمزم بالبرهان الحسي المشاهد لا يتبدل مستوى الماء فيه ولا يتغير زيادة أونقصاناً إلّا شيئاً يسيراً بما لا يؤثر في قيمة البحث في ميزان الدراسات العلمية، وقراءة العين تؤيد ذلك (١). فالمحافظة على منسوب ثابت تقريباً يتم رغم ما نعلمه من تدفق الملايين على مكة في وقت واحد غالباً، وبأعداد لا تقل عن مئات الألوف في الأيام التي يضعف فيها القدوم بسبب الحر أوالبرد أوغيرهما، هذا إلى جانب أهل مكة الذين يعدون أكثر من مليون، وفوق ذلك هناك الحركة اليومية من وإلى مكة من كل من جدة والطائف وسائر المحافظات القريبة والبعيدة، ومعظم هؤلاء يقصدون الحرم المكي الشريف، ويصلّون خلف إمامه، ويشربون من ماء زمزم المبرّد اليوم، قبل وبعد الصلاة، بكميات وافرة يدفع إليها ارتفاع حرارة الطقس غالباً في تلك الأرض المباركة. يرافق ذلك سَحْبُ كميات كبيرة من الماء بالمضخات إلى سِجال سعة أحدها عشرين ليتراً في الغالب، تحمل إلى أنحاء الأرض بوسائل مختلفة! فهلا توقفنا عند تلك الظاهرة، وأطلقنا النظر فيها على ضوء المشاهدة المادية هذه، حيث نرى أن كميات المياه المتدفقة في البئر لا تزداد إلى درجة يرتفع فيها منسوب الماء حتى يسيل على وجه الأرض، ولا تتراجع فيحبس الماء في البئر عن الناس، وإنما هي نسب تتدفق بمنسوب ثابت تقريباً، يتفق مع المقدار الذي يضخ من البئر للشرب والحمل إلى أصقاع الأرض، وكأن في جوف الأرض ساعة قياس تسمح بمرور ما يحتاجه البئر من ألتار المياه المفقودة ضمن معادلة المحافظة على منسوب معين.