للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذه المياه ما زالت في البئر المعهود لا تُنْزَفُ (١) ولا تُذَمُّ (٢) منذ أن نبع الماء هناك بركضة جناح جبريل عليه السلام (٣)، بإذن صاحب الأمر والعزة والحكمة والجبروت جلّ في عليائه.

وتوسعاً مني في تبيان الكلام عن زمزم أنقل لك ما سطره المهندس الأستاذ يحيى كوشك في معرض حديثه عن ضخ مياه زمزم ونزحها بهدف تنظيف البئر عام (١٤٠٠) هـ وذلك بعد تركيب أربع مضخات قوية جداً، كانت تعمل ٢٤ ساعة متواصلة، وبمعدل (٨٠٠٠) ثمانية آلاف ليتر تضخها في الدقيقة:

"وكان منسوب المياه من الفوهة (٣.٢٣) متراً، وكانت القراءة تتم كل نصف دقيقة، حتى وصل منسوب المياه في داخل البئر إلى (١٢.٧٢) متراً، ثم وصل إلى ١٣.٣٩ متراً، وفي هذا العمق توقف هبوط الماء في البئر حيث هومكان عيون البئر ولما


(١) أي لا يفنى ماؤها على كثرة الاستقاء. ورواية لا تنزف ولا تذم عن الأزرقي في تاريخ مكة ٢/ ٤٤ - ٤٦، والفاكهي ٢/ ١٦ وطبقات ابن سعد ١/ ٨٣، والروض الأنف ١/ ١٦٦. اُنظر نفس المرجع الفصل الثاني ص ٣٩، والباب الثاني ص ٧٠.
(٢) هناك أكثر من معنى لقولهم: لا تُذَمّ منها أنها لا تعاب، ولا تُلْقى مذمومة، واعترض عليه بأنه لا يصدق عليها لا "تُذم" بمعنى عدم المدح، لأن ماءها مذموم عند المنافقين، لكن يرد على هذا بأن المنافقين لا عبرة بذمهم؛ لأنهم يذمون الله، ورسوله وكتابه، ذم الكلاب في نباحها للعالي الرفيع من السحاب. ثم إن العبرة هي في الأدلة العلمية وليس بآراء تافهة لجماعات تسيرها رياح الأهواء، وعواصف الأحقاد والشهوات. وقيل (لا تُذَمُّ) ... بأنها لا تؤذي، ولا يُخاف لمن أفرط في شربها ما يُخاف من سائر المياه، بل هي بركة على كل حال، فلا تذمّ عاقبة شربها، وهوما ذهب إليه في الروض الأنف. اُنظر نفس المرجع ص ٧١.
(٣) يقال عن زمزم إنها ركْضة جبريل، وهزمة جبريل، وهمزة جبريل، ووطأة جبريل، وكل ذلك قريب بعضه من بعض؛ لأن أصل الرّكض الضَّربُ بالرِّجل، أوتحرّك الجناح، وهومأخوذ من حديث البخاري الذي سبق ذكره في قصة هاجر وإسماعيل وزمزم حيث ضرب جبريل بجناحه فانفجر الماء. أما قوله هزمة جبريل فلأن الهزمة حَفَرَتْهُ في الأرض كما قلنا حيث يقال: هزمته في الأرض أي حفرته. اُنظر نفس المرجع ص ٦٥.

<<  <   >  >>