للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: ٩٦]. قال الإمام القرطبي في الجزء الثاني من تفسيره ص ١٣٥: "جعله مباركاً لتضاعف العمل فيه".

وقال الإمام النووي: "تضعيف الأجر في الصلوات بمكة وكذا سائر أنواع الطاعات" (١) ثم قال: قال الحسن البصري: "صومُ يومٍ في مكة بمائة ألف، وصدقة درهم بمائة ألف، وكل حسنة بمائة ألف. فيستحب أن يكثر فيها من الصلاة والصوم والصدقة والقرآن وسائر أنواع الطاعات التي تمكنه" (٢). قال الإمام ابن حجر الهيتمي: "قد سبق أنّ الصلوات يتضاعف الأجرُ فيها في مكة وكذا سائر أنواع الطاعات. وقد ذهب جماعات من العلماء إلى أنه تتضاعف السيآت فيها أيضاً، وممن قال ذلك مجاهد وأحمد بن حنبل" (٣).

إنَّ مذهب الإمام أحمد، ومن وافقه هو ما أميل إليه، وأُرجحه، إن جاز لمن بضاعته في العلم مزجاة مثلي أن يفعل ذلك. مناط الترجيح عندي أن مكة حرم الله الذي ثبتت خصوصيته بالأدلة الصحيحة، وما كان كذلك فالمعصية فيه مزدوجة، فهي منكر ومعصية من حيث هي منهيّ عنها، وهي كذلك ومن حيث إنّها استهتار بقدسية البيت، وبربِّ البيت الذي نهى عنها، وهذا أشبه ـ ولله المثل الأعلى ـ بمعارضة أمرِ السلطان في عرينه الخاص به، فأن يخالف أمر السلطان الذي صدر عنه فهذه جريمة، أما أن يستهين العاصي بأمرِ سيده في بيته الآمن، فهذه جريمة مضاعفة لما فيها من


(١) الإيضاح في مناسك الحج للإمام الحافظ محيي الدين النووي الباب الخامس في المقام بمكة وطواف الوداع، المسألة الخامسة والعشرون، الفقرة الرابعة عشرة. اُنظر حاشية العلامة الإمام ابن حجر الهيتمي ص ٤٦٤.
(٢) حاشية العلامة الإمام ابن حجر الهيتمي ص ٤٨٢.

<<  <   >  >>