للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال سعيد بن المسيب: بلغني أنّ أهل مكة لن يهلكوا حتى يكون الحرم عندهم بمنزلة الحلّ (١).

حرم مكة بحدوده التي يعرف ما يجاورها بأدنى الحل له أحكام تسمو به فوق سائر البلاد أُوجزها لك وأخصُّ منها ما يلي:

أولاً: لا يدخل إليها أحدٌ إلّا بإحرام على خلاف في وجوبِ ذلك واستحبابهِ في حق من لم ينو حجاً أو عمرة، ما لم يكن من أصحاب المهن الذين يعملون من وإلى مكة ذاهبين آيبين كالحطابين والحشاشين والسائقين فلا يلزمهم الإحرام لا وجوباً ولا استحباباً. ومن الأدلة التي ذهب إليها إمامنا الشافعي في جواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم ينو النسك ما رواه لنا مسلمٌ في صحيحه ـ ١٣٥٧ ـ وفيه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر، وهو ما عنون له مسلمٌ بقوله: باب جواز دخول مكة بغير إحرام، كما عنون الإمام البخاري بقوله: "دخول الحرم ومكة بغير إحرام" (١٧٤٩).

ويلحق بهذه الفقرة وجود مواقيت لمكة خارج مكة لمن أراد حجاً أو عمرة، وكان آفاقياً، فلا يتجاوز أحد تلك المواقيت بنية النسك إلّا محرماً، وسنعرض لهذا لاحقاً بعون الله.

ثانياً: يحرم الصيد فيه على جميع الناس سواء أهلُ الحرم أو المحرمين أو المحلين، ما لم يكن إنسياً مأكولاً كالنَّعَمِ والدجاج وإن استوحش، كما يحرم تنفير الصيد أي إزعاجه وتنحيته عن موضعه، فإن فعل فقد عصى ولو لم يتلفه.

ثالثاً: يحرم قطع شجره وحشيشه إلّا الإذْخِرْ (٢).

رابعاً: لا يدخل بيتَ الله مُشرك لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا


(١) نقله صاحب تاريخ مكة المكرمة د. محمد إلياس عبد الغني عن أخبار مكة للفاكهاني برقم (١٥٠١) بإسناد حسن.
(٢) الإذْخِرْ: الحشيش الأخضر، وهو عشبٌ طيب الريح، ذكره صاحب القاموس المحيط. وقال الإمام النووي هو نبت معروف طيب الرائحة وهو بكسر الهمزة والخاء (النووي على صحيح مسلم) ج ٩ ص ٤٨٤.

<<  <   >  >>