للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا عمل القاضي في أَقضيته مما يأخذه (١) عنهم أو عن الواحد منهم؛ فإنه في معنى مَن كان أدَّاه اجتهاده إلى قولٍ قاله.

وعلى ذلك؛ فإنه إذا خَرَج مِن خِلافهم، مُتوخِّيًا مواطن الاتفاق ما أمكنه؛ كان آخذًا بالحزم، عاملًا بالأَوْلى.

وكذلك إذا قصد في مواطن الخلاف تَوَخِّي ما عليه الأكثر منهم، والعمل بما قاله الجمهور دون الواحد؛ فإنه قد أخذ بالحزم والأحوط والأولى، مع جواز عمله أن يعمل (٢) بقول الواحد، إلا أنني أكره له أن يكون ذلك (٣)، من حيث إنه قد قرأ مذهب واحد منهم، أو نشأ في بلدة لم يُعرَف فيها إلا مذهب إمام واحد منهم، أو كان شيخه ومعلمه على مذهب فقيه من الفقهاء، فَقَصَر نفسه على اتباع ذلك المذهب، حتى إنه إذا حضر عنده خصمان، وكان ما تشاجرا فيه مما يُفتي الفقهاء الثلاثة فيه بحكم؛ نحو: الوكيل بغير رضا الخصم، وكان الحاكم حنفيًّا، وقد علم أن مالكًا والشافعي وأحمد اتفقوا على جواز هذا التوكيل، وأن أبا حنيفة يمنعه، فعدل عما اجتمع عليه هؤلاء الأئمة الثلاثة إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة، من غير أن يَثبُت عنده بالدليل ما قاله، ولا أدَّاه اجتهاده إلى أن أبا


(١) في (ب): بما يأخذ.
(٢) في (أ): علمه. مكان قوله: (عمله أن يعمل).
(٣) قوله: (ذلك) سقط من (أ).

<<  <   >  >>