فقال جعفر الفريابي: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثني الهيثم ابن جميل قال:(قلت لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله، إن عندنا قومًا وضعوا كتابًا يقول أحدهم: حدثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكذا وكذا، وفلان عن إبراهيم بكذا، ويأخذ بقول إبراهيم. قال مالك: وصح عندهم قول عمر؟ قلت: إنما هي رواية كما صح عندهم قول إبراهيم، فقال: هؤلاء يستتابون)(١).
وقال أبو عمر بن عبد البر: (يقال لمن قال بالتقليد: لِمَ قلت به وخالفت السلف في ذلك، فإنهم لم يقلدوا؟
فإن قال: قَلَّدتُ؛ لأنَّ كتاب الله لا علم لي بتأويله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أحصها، والذي قلَّدتُه قد علم ذلك، فقلَّدت من هو أعلَم مني.
قيل له: أما العلماء إذا أجمعوا على شيءٍ من الكتاب، أو حكايةٍ عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو اجتمع رأيهم على شيء؛ فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلَّدتَ فيه بعضَهم دون بعض، فما حُجَّتُك في تقليد بعضهم دون بعض وكلهم عالم، ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه؟
(١) رواه ابن حزم في الإحكام (٦/ ١٢٠)، بإسناده إلى جعفر الفريابي، ونقله ابن القيم في إعلام الموقعين (٣/ ٤٧٠).