قَالَ أَبُو حَاتِمٍ خَصَّ هَؤُلَاءِ دُونَ رَبِيعَةَ وَسَائِرِ الْعَرَبِ لِقُرْبِ جِوَارِهِمْ مِنْ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ رَبِيعَةُ وَمُضَرُ أَخَوَيْنِ
قَالَ وَأَحَبُّ الْأَلْفَاظِ وَاللُّغَاتِ إِلَيْنَا أَنْ نَقْرَأَ بِهَا لُغَاتُ قُرَيْشٍ ثُمَّ أَدْنَاهُمْ مِنْ بُطُونِ مُضَرَ
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ
قَالَ خَمْسَةٌ مِنْهَا لِهَوَازِنَ وَاثْنَانِ لِسَائِرِ النَّاسِ
وَقَالَ قَائِلُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ سَبْعَ لُغَاتٍ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا يُنْكِرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لُغَتَهُ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قُرَشِيٌّ عَدَوِيٌّ وَهِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قُرَشِيٌّ أَسَدِيٌّ وَلُغَتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَمُحَالٌ أَنْ تُنْكِرَ عَلَى أَحَدٍ لُغَتَهُ وَكَيْفَ تُنْكِرُ عَلَى امْرِئٍ لُغَةً قَدْ جُبِلَ عَلَيْهَا وَمُحَالٌ أَيْضًا أَنْ يُقْرِئَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا بِغَيْرِ لُغَتِهِ
وَقَالُوا إِنَّمَا مَعْنَى السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الْمَعَانِي الْمُتَّفِقَةِ الْمُتَقَارِبَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ نَحْوَ أَقْبِلْ وَتَعَالَ وَهَلُمَّ وَعَجِّلْ وَأَسْرِعْ وَأَنْظِرْ وَأَخِّرْ وَأَمْهِلْ
وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (انْظُرُونَا) (أَنْظِرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) وأخرونا وأنسونا نقتبس من نوركم الْحَدِيدِ ١٣ فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ كُلُّهَا مُتَّفِقٌ مَفْهُومُهَا مُخْتَلِفٌ مَسْمُوعُهَا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ
وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فَهِيَ مُحْتَمِلَةُ التَّأْوِيلِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ مُسْنَدَةً
مِنْهَا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كعب وحديث بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ أَبِي الْجُهَيْمِ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)
وَأَكْثَرُهَا طُرُقًا وَتَوَاتُرًا حديث أبي بن كعب
ولحديث بن مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ طُرُقٌ أَيْضًا كَثِيرَةٌ كُلُّهَا مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ قَدْ نَزَعَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا نَظَرَ فِي التَّمْهِيدِ إِلَيْهَا
ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ ويونس عن بن شِهَابٍ فِي الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ قَالَ هِيَ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَّمَا هَذِهِ الْأَحْرُفُ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ لَيْسَ يَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ