قَالَ مَالِكٌ وَالدَّقِيقُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَخْلَصَ الدَّقِيقَ فَبَاعَهُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَوْ جَعَلَ نِصْفَ الْمُدِّ مِنْ دَقِيقٍ وَنِصْفَهُ مِنْ حِنْطَةٍ فَبَاعَ ذَلِكَ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي وَصَفْنَا لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فَضْلَ حِنْطَتِهِ الْجَيِّدَةِ حَتَّى جَعَلَ مَعَهَا الدَّقِيقَ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي بَيْعِ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ
فَالْأَشْهَرُ عَنْهُ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ أَجَازَهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ
وهو قول الليث وبن شُبْرُمَةَ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ
وَهُوَ قول الشافعي والكوفي
وبه قال بن الْمَاجِشُونِ
وَقَالَ هَذَا مِثْلُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ لَا مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا
وَكَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُجِيزُ بَيْعَ الدَّقِيقِ بِالْقَمْحِ مُتَفَاضِلًا وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عَنْهُ
وَقَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ بن شُبْرُمَةَ عَنِ الدَّقِيقِ بِالْبُرِّ فَقَالَ شَيْءٌ لَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ شُعْبَةُ وَسَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَاهُ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي نِصْفِ مُدِّ دَقِيقٍ وَنِصْفِ مُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ بِمُدٍّ مِنْ دَقِيقٍ فَقَدْ بَيَّنَ عِلَّتَهُ فِي ذَلِكَ وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي الْجَوَابِ دُونَ الْعِلَّةِ لِأَنَّهُمَا لَا يُجِيزَانِ بَيْعَ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ أَصْلًا وَنَحْنُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ بَيْعَهَا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِأَنَّهُ نِصْفُ مُدِّ دَقِيقٍ بِمِثْلِهِ مِنْ دَقِيقٍ وَنِصْفُ مَدِّ حِنْطَةٍ بِمِثْلِهِ مِنْ حِنْطَةٍ
(٢٣ - بَابُ جَامِعِ بِيعِ الطَّعَامِ)
١٣٠٦ - مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ إِنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ الطَّعَامَ يَكُونُ مِنَ الصُّكُوكِ بِالْجَارِ فَرُبَّمَا ابْتَعْتُ مِنْهُ