(٢٤ بَابُ جَامِعِ الصَّلَاةِ)
٣٨١ - ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا
قَدْ ذَكَرْنَا أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّمْهِيدِ وَفِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ أَيْضًا
وَأَمَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ حَمْلَ الطِّفْلَةِ أَوِ الطِّفْلِ عَلَى عُنُقِ الْمُصَلِّي وَوَضْعَهَا وَرَفْعَهَا لَا يُفْسِدُ ذَلِكَ كُلُّهُ صَلَاةَ الْمُصَلِّي وَلَا تَضُرُّ مُلَامَسَتُهُ لَهَا وَضَوْءَهُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قول الله تعالى (أو لمستم النِّسَاءَ) النِّسَاءِ ٤٣ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْأَطْفَالَ وَلَا مَنْ يُلْمَسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَالْأُمِّ وَسَائِرِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَاللَّوَاتِي لَا يَنْبَغِي فِي لَمْسِهِنَّ لَذَّةٌ
وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْوُضُوءِ مُجَوَّدَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُ فِي الْفَرِيضَةِ رَوَاهَا أَشْهَبُ عَنْ مالك
وقد روى أشهب أيضا وبن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ وَأَمَّا لِحُبِّ الْوَلَدِ فَلَا أَرَى ذَلِكَ
فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةٍ وَأَجَازَهُ لِلضَّرُورَةِ
وَحَسْبُكَ بِتَأْوِيلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ بِهَذَا الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ هَذَا أَنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ مَكْرُوهٌ
وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي النَّافِلَةِ أَوْ عَلَى ضَرُورَةٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِتَحْرِيمِ الْعَمَلِ وَالِاشْتِغَالِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute