ظَاهِرِ قَدَمِهِ وَهُوَ يُصَلِّي - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ لَمْسٍ لَا يَتَوَلَّدُ مَعَهُ لَذَّةٌ فَلَيْسَ مِنْ مَعْنَى الْآيَةِ فِي الْمُلَامَسَةِ
وَقَدْ جَعَلَ جُمْهُورُ السَّلَفِ الْقُبْلَةَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ بِغَيْرِ الْيَدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَغْلَبِ فِي الْيَدِ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهَا الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ فَبِأَيِّ عُضْوٍ وَقَعَتْ وَمَعَهَا شَهْوَةٌ فَيَلْتَذُّ
وَهَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَاللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ سَوَاءٌ الْتَذَّ أَوْ مَنِ الْتَذَّ مِنْهُمَا
وَالشَّعْرُ مِنْ أَبْعَاضِ الْمَلْمُوسِ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ مَعَ وُقُوعِ اللَّذَّةِ وَخَالَفَنَا الشَّافِعِيُّ فِي الشَّعْرِ
وَلِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَلْمُوسِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَقُلْ أَوْ لَمَسَكُمُ النِّسَاءَ
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ مُلْتَذٌّ بِلَمْسٍ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَهُمَا مُتَلَامِسَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وُجُودُ اللَّذَّةِ
وَأَصْحَابُنَا يُوجِبُونَ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ لَمَسَ مَعَ الْحَائِلِ إِذَا كَانَ رَقِيقًا وَكَانَتِ اللَّذَّةُ مَوْجُودَةً مَعَ اللَّمْسِ
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّذَّةَ إِذَا تَعَرَّتْ مِنَ اللَّمْسِ لَمْ تُوجِبْ وُضُوءًا بِإِجْمَاعٍ وَكَذَا اللَّمْسُ إِذَا تَعَرَّى مِنَ اللَّذَّةِ لَمْ يُوجِبْ وُضُوءًا عِنْدَ أَصْحَابِنَا
وَمَنْ لَمَسَ الثَّوْبَ وَالْتَذَّ فَقَدِ الْتَذَّ بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ وَلَا مُمَاسَّةٍ وَلَا مُلَامَسَةٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
(١٧ - بَابُ الْعَمَلِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ)
٨٣ - مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ