وَقَالَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ وَأَشْهَبُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ مَكَانَ عَجِّلِ الصَّلَاةَ
وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى خِلَافِهِ وَتَعْجِيلُ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ
وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلَ الْقَعْنَبِيِّ أَيْضًا لِأَنَّ تَعْجِيلَ الْوُقُوفِ بَعْدَ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ وَالْفَرَاغِ مِنْهَا سُنَّةٌ أَيْضًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَنْ عَجَّلَ الصَّلَاةَ عَجَّلَ الْوُقُوفَ لِأَنَّهُ بِإِثْرِهَا مُتَّصِلٌ بِهَا
(٦٤ - بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْجُمْعَةِ بِمِنًى وَعَرَفَةَ)
٨٦٣ - مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى ثُمَّ يَغْدُو إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى عَرَفَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا صَلَاتُهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فَكَذَلِكَ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ سُنَّةٌ مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ مُسْتَحَبَّةٌ وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُمْ عَلَى تَارِكِهَا إِذَا شَهِدَ عَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا
أَمَّا غُدُوُّهُ مِنْهَا إِلَى عَرَفَةَ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَحَسَنٌ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدٌّ وَحَسْبُ الْحَاجِّ الْبَائِتِ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ أَلَّا تَزُولَ لَهُ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَّا بِعَرَفَةَ
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ فِي الظُّهْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنَّ الصَّلَاةَ يَوْمَ عَرَفَةَ إِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ وَإِنْ وَافَقَتِ الْجُمُعَةَ فَإِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ وَلَكِنَّهَا قَصُرَتْ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ
قَالَ مَالِكٌ فِي إِمَامِ الْحَاجِّ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْضَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِنَّهُ لَا يُجَمِّعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَلَّى بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ وَمِنًى
فَقَالَ مَالِكٌ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ بِعَرَفَةَ وَلَا بِمِنًى أَيَّامَ الْحَجِّ لَا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ فيجمع بعرفة