يَرُدُّهُ وَقَدْ رَخُصَ فَيَشْتَرِيهِ بِثُلُثِ ثَمَنِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ رَبِحَ نِصْفَ مَا نَقَصَ مِنَ الْعَرْضِ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ أَوْ يَأْخُذُ الْعَرْضَ فِي زَمَانٍ ثَمَنُهُ فِيهِ قَلِيلٌ فَيَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى يَكْثُرَ المال في يديه ثم يغلو ذَلِكَ الْعَرْضُ وَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهُ حِينَ يَرُدُّهُ فَيَشْتَرِيهِ بِكُلِّ مَا فِي يَدَيْهِ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ وَعِلَاجُهُ بَاطِلًا فَهَذَا غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يَمْضِيَ نُظِرَ إِلَى قَدْرِ أَجْرِ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ الْقِرَاضُ فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ وَعِلَاجِهِ فَيُعْطَاهُ ثُمَّ يَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا مِنْ يَوْمِ نَضَّ الْمَالُ وَاجْتَمَعَ عَيْنًا وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ لِلْقِرَاضِ بِالْعُرُوضِ بَيَانًا شَافِيًا لَا يُشْكَلُ عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَالِ الَّذِي تَجُوزُ فيه المضاربة ما اغنى عن تكراره ها هنا
وَلَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِي أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ بِالْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاضِ بالفلوس والنقد عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ والحمد لله
وذكرنا عن بن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ أَجَازَ الْقِرَاضَ بِالْعُرُوضِ وَقَدْ بَانَ وَجْهُ قَوْلِهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ هُنَالِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ يَصِحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
(٧ - بَابُ الْكِرَاءِ فِي الْقِرَاضِ)
١٣٦٢ - قَالَ مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا فَحَمَلَهُ إِلَى بَلَدِ التِّجَارَةِ فَبَارَ عَلَيْهِ وَخَافَ النُّقْصَانَ إِنْ بَاعَهُ فَتَكَارَى عَلَيْهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فَبَاعَ بِنُقْصَانٍ فَاغْتَرَقَ الْكِرَاءُ أَصْلَ الْمَالِ كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَ وَفَاءٌ لِلْكِرَاءِ فَسَبِيلُهُ ذَلِكَ وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ بَعْدَ أَصْلِ الْمَالِ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ شَيْءٌ يُتْبَعُ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتِّجَارَةِ فِي مَالِهِ فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُتْبَعُ بِهِ رَبُّ الْمَالِ لَكَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي قَارَضَهُ فِيهِ فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ المال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute