قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ مِنَ الْأَصْنَافِ كُلِّهَا وَإِنْ كَانَتِ الْحَصْبَاءَ وَالْقَصَّةَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا جَعَلَهُ رِبًا لِأَنَّهُ عِنْدَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً اشْتَرَطَهَا وَازْدَادَهَا عَلَى مَا أَعْطَى إِلَى أَجَلٍ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ
وَلَمْ يَلْتَفِتْ مَالِكٌ إِلَى ذِكْرِ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ مَا يَصِيرُ الْفِعْلُ إِلَيْهِ مِنْهُمَا فَإِذَا حَصَلَ بِيَدِ الْآخَرِ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ فِي صَفْقَةٍ وَزِيَادَةَ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي السَّلَفِ وَالزِّيَادَةُ فِي السَّلَفِ مُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا
وَأَمَّا الشافعي فالقرض عنده ما استقرضه المسقرض وَلَا نَظُنُّ بِالْبَائِعِ وَلَا بِالْمُبْتَاعِ أَنَّهُ مُقْرِضٌ وَلَا مُسْتَقْرِضٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَعْنًى وَالْقَرْضَ مَعْنًى آخَرُ
أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَرْضَ إِنَّمَا يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ أَوْ حَالًّا وَلَا يَكُونُ يَدًا بِيَدٍ
وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى الْبَيْعِ وَلَا يُشْبِهُهُ فِي شَيْءٍ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ بِهِ حُكْمٌ وَإِنَّمَا الْأَحْكَامُ الدُّنْيَا بَيْنَنَا عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا وَلَا رِبَا عِنْدَهُ إِلَّا فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَأُصُولُهُمْ قَدْ وَصَفْنَاهَا وَمَذْهَبُهُمْ فِي ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَضْيَقُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فَهُمْ لَا يُجِيزُونَهُ نَسِيئَةً الْبَتَّةَ اخْتَلَفَ أَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُرُوضِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أيوب عن بن سِيرِينَ قَالَ أَعْيَانِي أَنْ أَعْرِفَ مَا الْعُرُوضُ إِذَا بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ نَظِرَةً
(٣٣ - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةِ)
١٣٢٥ - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ
هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن حديث بن عمر وحديث بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكُلُّهَا صِحَاحٌ مِنْ نَقْلِ الْعُدُولِ وَقَدْ تَلَقَّاهَا أَهْلُ الْعِلْمِ