فَقَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ إِلَّا الْإِمَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُنَّ
وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ لِأَنَّ رَدَّ الْمِثْلِ لَا يُمْكِنُ لِعُذْرِ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَهُمْ فِي الْحَيَوَانِ
وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ فِيمَنِ اسْتَقْرَضَ أَمَةً فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ أَنَّهُ يَرُدُّهَا بِعَيْنِهَا وَيَنْفَسِخُ اسْتِقْرَاضُهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهَا إِنْ وَطِئَهَا
فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ بِالْقِيمَةِ وَلَمْ تُرَدَّ بِرَدِّهَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا عُقْرَهَا وَإِنْ حَمَلَتْ أَيْضًا رَدَّهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَقِيمَةَ وَلَدِهَا إِنْ وَلَدَتْ أَحْيَاءً يَوْمَ سَقَطُوا مِنْ بَطْنِهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا مَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ وَإِنْ مَاتَتْ لَزِمَهُ مِثْلُهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهَا فَقِيمَتُهَا
وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ - صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ - وَأَبُو جَعْفَرٍ - الطَّبَرِيُّ اسْتِقْرَاضُ الْإِمَاءِ جَائِزٌ
قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالْمُزَنِيُّ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهَا وَأَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَقْرِضِ صَحِيحٌ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ التصرف كله
وكل ما جاز بيعه جاز قرضه في القياس
وَقَالَ دَاوُدُ ((لَمْ يَحْظُرِ اللَّهُ اسْتِقْرَاضَ الْإِمَاءِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ وَأُصُولُ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ
وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ اسْتِسْلَافَ الْحَيَوَانِ وَالْإِمَاءُ مِنَ الْحَيَوَانِ
وَحَجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزِ اسْتِقْرَاضَ الْإِمَاءِ وَهُمْ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْفُرُوجَ مَحْظُورَةٌ لَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ بِعِقْدٍ لَازِمٍ وَالْقَرْضُ لَيْسَ بِعِقْدٍ لَازِمٍ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَرُدُّهُ مَتَى شَاءَ فَأَشْبَهَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ بِالْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِإِجْمَاعٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الْخِيَارِ فَيَلْزَمُ الْعَقْدُ فِيهَا وَهَذِهِ قِيَاسٌ عَلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
(٤٥ - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُبَايَعَةِ)
١٣٤٨ - مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال ((لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ