وَفِيهَا مَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي حَدِيثِ بِلَالٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ دَعَا
ورواية بن عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ أولى من رواية بن عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِيهَا لِأَنَّ مَنْ نَفَى شَيْئًا وَأَثْبَتَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَعُدْ شَاهِدًا وَإِنَّمَا الشَّاهِدُ الْمُثْبِتُ لَا النَّافِي
وَهَذَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ فِي الشَّهَادَاتِ إِذَا تَعَارَضَتْ مِثْلَ هَذَا
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّي فِيهَا الْفَرْضَ وَلَا الْوِتْرَ وَلَا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَا رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَيُصَلِّي فِيهَا التَّطَوُّعَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ أَصْحَابِهِ فِيمَنْ صَلَّى فِيهَا أَوْ عَلَى ظَهْرِهَا الْفَرِيضَةَ فِي كتاب اختلافهم والأشهر عنه أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ يُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ الْفَرِيضَةَ وَالنَّافِلَةَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ صَلَّى فِي جَوْفِهَا مُسْتَقْبِلًا حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ أَوْ صَلَّى عند الباب والباب مفتوح فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ أَوْ صَلَّى عِنْدَ الْبَابِ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْ شَيْئًا مِنْهَا
قَالَ وَمَنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِهَا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْ شَيْئًا مِنْهَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الظَّاهِرِ فِيمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَقْبَلَ بَعْضَهَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا صَلَاةَ لَهُ نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَدْبَرَ بَعْضَهَا وَقَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ حِينَ أَمَرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا
وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بقول بن عَبَّاسٍ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يُصَلُّوا إِلَى الْكَعْبَةِ وَلَمْ يُؤْمَرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِيهَا
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّمْهِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
(٦٣ - م بَابُ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ وتعجيل الوقوف بها)
٨٦٢ - مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ