(١٥ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاضِ)
١٣٧١ - قَالَ مَالِكٌ في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِعْهَا وَقَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ لَا أَرَى وَجْهَ بَيْعٍ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ قَالَ لَا ينظر إلى قول واحد منهما ويسأل عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ فَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ انْتِظَارٍ انْتُظِرَ بِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ خَالَفَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا تُبَاعُ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ فِي الرِّبْحِ كَحِصَّةِ الْعَامِلِ فَلِكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْقَضَ الْقِرَاضَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِقْدٍ لازم لواحد منهما
وقد خالف سحنون بن الْقَاسِمِ فِي الْعَامِلِ بِالْقِرَاضِ يَبِيعُ السِّلَعَ بِدَيْنٍ ثُمَّ يَأْبَى مَنْ تَقَاضَى الثَّمَنَ وَيُسَلِّمُ ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِ وَيَرْضَى بِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ
فَقَالَ بن الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ يَمُوُتُ وَيُسَلِّمُ وَرَثَتَهُ الْمَالَ إِلَى رَبِّهِ يَتَقَاضَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنَ الرِّبْحِ
وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْوَجْهَ الَّذِي كَرِهَهُ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ ثُمَّ سَأَلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ فَقَالَ هُوَ عِنْدِي وَافِرٌ فَلَمَّا آخَذَهُ بِهِ قَالَ قَدْ هَلَكَ عِنْدِي مِنْهُ كَذَا وَكَذَا لِمَالٍ يُسَمِّيهِ وَإِنَّمَا قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ لِكَيْ تَتْرُكَهُ عِنْدِي قَالَ لَا يَنْتَفِعُ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ فِي هَلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَنْفَعْهُ إِنْكَارُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا لَوْ قَالَ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مُصَدَّقًا عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبَهُ
قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَبِحْتُ فِي الْمَالِ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَرِبْحَهُ فَقَالَ مَا رَبِحْتُ فِيهِ شَيْئًا وَمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلَّا لِأَنْ تُقِرَّهُ فِي يَدِي فَذَلِكَ لَا ينفعه ويؤخذ بإقراره إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ وَصِدْقُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute