وَفِي هَذَا أَنَّ الْمُتَطَوِّعَ لَا يُفْطِرُ وَلَا يُفَطِّرُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْهَا مَا احْتَاجَتْ إِلَى إِذْنِهِ وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا كَانَ إِذْنُهُ لَا مَعْنَى لَهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قُدِّمَ إِلَيْهِ سَمْنٌ وَتَمْرٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ رُدُّوا تَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ وَسَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ فَإِنِّي صَائِمٌ وَلَمْ يُفْطِرْ بَلْ أَتَمَّ صِيَامَهُ إِلَى اللَّيْلِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) الْبَقَرَةِ ١٨٧ وَلَمْ يَخُصَّ فرضا من نافلة
وقد روي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُفْطِرِ مُتَعَمِّدًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ذَاكَ اللَّاعِبُ بِدِينِهِ أَوْ قَالَ بِصَوْمِهِ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الْأَسِنَّةُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُفْطِرَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْرُوفُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ أَنَّ عَطَاءً صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا بِذِي طُوَى فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَعَطَاءٌ صَائِمٌ وَمُجَاهِدٌ صَائِمٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَائِمٌ فَأَفْطَرَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَقَالَ سَعِيدٌ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الشِّفَارُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ
وهو قول بن عمر وإبراهيم النخعي والحسن البصري ومكحول
وإليه ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابُهُ
وَقَدِ احْتَجَّ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِمَا قَدْ أَوْرَدْنَا مَعْنَاهُ فِيمَا مَضَى لِهَذَا الْبَابِ
(١٩ - بَابُ فِدْيَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مِنْ عِلَّةٍ)
٦٣٩ - ذِكَرَ فِيهِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَبِرَ حَتَّى كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ فَكَانَ يَفْتَدِي
قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ إِذَا كَانَ قَوِيًّا عَلَيْهِ فَمَنْ فَدَى فَإِنَّمَا يُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ