الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ وَلَا يُنْقِصُوهُ شَيْئًا وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ سِلْعَتَهُ وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ وَلَا تِبَاعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ بِحَقِّهِ وَلَا يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ فَذَلِكَ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا نَقَصَتِ السِّلْعَةُ فلا خلاف فِيمَا حَكَاهُ مَالِكٌ عِنْدَ كُلِّ مَنِ اسْتَعْمَلَ حَدِيثَ التَّفْلِيسِ جَمِيعُهُمْ يَقُولُ بِذَلِكَ فَأَمَّا إِذَا زَادَتِ السِّلْعَةُ فِي سُوقِهَا لِزِيَادَةٍ فِي سِعْرِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ لِلْغُرَمَاءِ خِيَارًا فِي السِّلْعَةِ كَمَا لَيْسَ لِلْمُفْلِسِ خِيَارٌ وَوَجْهُ أَقْوَالِهِمْ بَيِّنَةٌ يُسْتَغْنَى عَنِ الْقَوْلِ فِيهَا
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ (الْمُشْتَرِي) فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلًا وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْوَلَدِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْغَلَّةِ وَالْخَرَاجِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ دُونَ الْبَائِعِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ بَاعَهُ أَمَةً فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَفْلَسَ كَانَتْ لَهُ الْأَمَةُ إِنْ شَاءَ وَالْوَلَدُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ حُبْلَى كَانَتْ لَهُ حُبْلَى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْآبَاءَ كَالْوِلَادَةِ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالْكُوفِيُّونَ عَلَى أَصْلِهِمُ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي آخِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلًا وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ
وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى خِلَافِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
(٤٣ - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ السَّلَفِ)
١٣٤٢ - مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute