وَفِي تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي سَحَرَهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ قَتْلَ السَّاحِرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ
وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بَيَانُ ذَلِكَ أَيْضًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَعْلَى مِنْ جِهَةِ الِاتِّبَاعِ وَأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا عَائِشَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تَرَ قَتْلَ السَّاحِرِ
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ السَّاحِرَ يَقْلِبُ الْحَيَوَانَ مِنْ صُورَةٍ إِلَى صُورَةٍ فَيَجْعَلُ الْإِنْسَانَ حِمَارًا أَوْ نَحْوَهُ وَيَقْدِرُ عَلَى نَقْلِ الْأَجْسَامِ وَهَلَاكِهَا وَتَبْدِيلِهَا فَإِنَّهُ يَرَى قَتْلَ السَّاحِرِ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَدَّعِي مِثْلَ آيَاتِهِمْ وَمُعْجِزَاتِهِمْ وَلَا يَتَهَيَّأُ مَعَ هَذَا عِلْمُ صِحَّةِ النُّبُوَّةِ إِذْ قَدْ يَحْصُلُ مِثْلُهَا بِالْحِيلَةِ
وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ السِّحْرَ خِدَعٌ وَمَخَارِقُ وَتَمْوِيهَاتٌ وَتَخَيُّلَاتٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ قَتْلُ السَّاحِرِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِفِعْلِهِ أَحَدًا فَيُقْتَلُ بِهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اقْتَبَسَ بَابًا مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ مَا زَادَ زَادَ وَمَا زَادَ زَادَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَفِي المبسوط روى بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ تُقِرُّ أَنَّهَا عَقَدَتْ زَوْجَهَا عَنْ نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ أَنَّهَا تُنَكَّلُ وَلَا تُقْتَلُ
قَالَ وَلَوْ سَحَرَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فَدِمَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مَحْظُورَةٌ فَلَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
(٢٠ - بَابُ مَا يَجِبُ فِي الْعَمْدِ)
١٦١٩ - مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَقَادَ وَلِيَّ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ بِعَصًا فَقَتَلَهُ وَلِيُّهُ بِعَصًا
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ضَرَبَ الرَّجُلَ بِعَصًا أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ ضَرْبَةٍ عَمْدًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعَمْدُ وَفِيهِ القصاص