قال أبو عمر قول بن عَبَّاسٍ (هُوَ مَا نَوَاهُ) يُرِيدُ مَنْ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ فِي حِينِ عَقْصِهِ أَوْ ضَفْرِهِ أَوْ تَلْبِيدِهِ وَقَدْ قَالَتْ بِهِ فِرْقَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ قَصَّرَ الْمُلَبِّدُ لِرَأْسِهِ بِالْمِقْرَاضِ أَوْ بِالْمِقَصِّ أَجْزَأَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّلْبِيدُ سُنَّةُ الْحَلْقِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ بِالْخَطْمِيِّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إِلَى أُصُولِ الشَّعْرِ وِقَايَةً لِنَفْسِهِ
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنْ لَا تَقْصِيرَ دون الحلاق مع أنه سنة لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَبَّدْتُ رَأْسِي ثُمَّ حَلَقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي حَجَّتِهِ
وَمَعْنَى التَّلْبِيدِ أَنْ يَجْعَلَ الصَّمْغَ فِي الْغَسُولِ ثُمَّ يُلَطِّخَ بِهِ رَأْسَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ لِيَمْنَعَهُ ذَلِكَ مِنَ الشَّعَثِ وَلِمَا ذَكَرْنَا
وَالْعَقْصُ أَنْ يَجْمَعَ شَعْرَهُ فِي قَفَاهُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ إِلَّا فِي قَلِيلِ الشَّعْرِ
فَرَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فِيمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحِلَاقَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ
وَهَذَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وُجُوبٌ بِسُنَّةٍ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ (لَا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ) أَيْ لَا تَفْعَلُوا أَفْعَالًا حُكْمُهَا حُكْمُ التَّلْبِيدِ مِنَ الْعَقْصِ وَالضَّفْرِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ تُقَصِّرُونَ وَلَا تَحْلِقُونَ وَتَقُولُونَ لَمْ نُلَبِّدْ
يَقُولُ فَمَنْ عَقَصَ أَوْ ضَفَرَ فَهُوَ مُلَبِّدٌ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُلَبِّدِ مِنَ الْحِلَاقِ
(٦٣ - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَقَصْرِ الصَّلَاةِ وَتَعْجِيلِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)
٨٦١ - مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ