وَرَوَاهُ عَنْ رَبِيعَةَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ
(٣ - بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي التَّدْبِيرِ)
١٥١٥ - قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ عَتَاقَةٍ أَعْتَقَهَا رَجُلٌ فِي وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَنَّهُ يَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ وَيُغَيِّرُهَا مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ تَدْبِيرًا فَإِذَا دَبَّرَ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى رَدِّ مَا دَبَّرَ
قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ أَمَةٌ أَوْصَى بِعِتْقِهَا وَلَمْ تُدَبَّرْ فَإِنَّ وَلَدَهَا لَا يُعْتَقُونَ مَعَهَا إِذَا عَتَقَتْ وَذَلِكَ أَنَّ سَيَّدَهَا يُغَيِّرُ وَصِيَّتَهُ إِنْ شَاءَ وَيَرُدَّهَا مَتَى شَاءَ وَلَمْ يُثْبِتْ لَهَا عَتَاقَةً وَأَنَّهَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ لِجَارِيَتِهِ إِنْ بَقِيَتْ عِنْدِي فُلَانَةُ حَتَّى أَمُوتَ فَهِيَ حُرَّةٌ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ أَدْرَكَتْ ذَلِكَ كان لها ذلك وان شَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ بَاعَهَا وَوَلَدَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ وَلَدَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا جُعِلَ لَهَا
قَالَ وَالْوَصِيَّةُ فِي الْعَتَاقَةِ مُخَالِفَةٌ لِلتَّدْبِيرِ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ
قَالَ وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ التَّدْبِيرِ كَانَ كُلُّ مُوصٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ وَكَانَ قَدْ حَبَسَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ - فِيمَا عَلِمْتُ - أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ كَالتَّدْبِيرِ إِلَّا مَنْ جَعَلَ الْمُدَبَّرَ وَصِيَّةً أَجْرَى لِلْمُدَبَّرِ الرُّجُوعَ فِيمَا دَبَّرَ كَالرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ فَمَنْ قَالَ بِهَذَا رَأَى التَّدْبِيرَ كَالْوَصِيَّةِ فَمِنْ اهل العلم يَقُولُ الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ
وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ الْوَصِيَّةَ تَدْبِيرٌ وَكُلُّ مَنْ قَالَ لَيْسَ الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةً لَمْ يُجِزْ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ وَلَا الرُّجُوعَ فِيهِ
وَسَنَذْكُرُ فِي بَابِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ مَنْ رَأَى بَيْعَهُ وَرَآهُ وَصِيَّةً وَمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي لَفْظِ التَّدْبِيرِ
فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَإِنْ كَانَ أَرَادَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَرَادَ التَّدْبِيرَ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إِنْ مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ مُدَبَّرٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ