وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ إِنَّ ذَلِكَ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ إِنَّ طَعَامَ الْجِنِّ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يُغْسَلْ مِنَ الْأَيْدِي وَالصِّحَافِ وَشَرَابُهُمُ الْجَدَفُ وَهُوَ الرَّغْوَةُ وَالزَّبَدُ
وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا اعْتِبَارٍ وَلَا يَصِحُّ فِيهَا تَكْيِيفٌ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَكْلَ الشَّيْطَانِ تَشَمُّمٌ وَاسْتِرْوَاحٌ لَا مَضْغٌ وَلَا بَلْعٌ وَإِنَّمَا الْمَضْغُ وَالْبَلْعُ لَذَوِي الْجُثَثِ فَيَكُونُ شَمُّهُ وَاسْتِرْوَاحُهُ مِنْ قِبَلِ الشِّمَالِ
وَقَدْ أَوْرَدْنَا فِي مَعْنَى الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَالْإِخْبَارِ عَنْهُمْ وَأَنَّ لَهُمْ حَيَاةً وَأَجْسَامًا وَأَنَّهَا تَخْتَلِفُ صِفَاتُهُمْ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَحَسَبُكَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَكْلِيفِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَعِصْيَانِهِمْ وَأَنَّ مِنْهُمُ الصَّالِحِينَ وَمِنْهُمْ دُونُ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ وَأَنَّهُمْ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ
وَفِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ وَسُورَةِ (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) الْجِنِّ ١ وَسُورَةِ الرَّحْمَنِ مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَبَيَانٌ
وَرُوِّينَا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجِنِّ وَهَلْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَاكَحُونَ وَيَمُوتُونَ فَقَالَ هُمْ أَجْنَاسٌ
فَأَمَّا خَالِصُ الْجِنِّ فَهُمْ رِيحٌ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ وَلَا يَتَوَالَدُونَ وَمِنْهُمْ أَجْنَاسٌ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَاكَحُونَ وَيَتَوَالَدُونَ وَيَمُوتُونَ وَمِنْهُمُ السَّعَالِي وَالْغُولُ وَالْقُطُوبُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبٍ فِي التَّمْهِيدِ
(٥ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسَاكِينِ)
١٧١٠ - مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ على الناس فترده اللقمة وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ قَالُوا فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غَنًى يُغْنِيهِ وَلَا يَفْطَنُ النَّاسُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ