للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُفِّنَ فِي بُرْدٍ أَحْمَرَ وَقِيلَ بُرْدٍ أَسْوَدَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ فِي أَحَادِيثَ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ يُحْتَجُّ بِهِ مِنْ وَجْهِ انْقِطَاعِهَا وَضَعْفِ أَسَانِيدِ أَكْثَرِهَا

وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِيمَا كُفِّنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ

وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْكَفَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا تَحْرِيمُ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَغْسِلَ مَيِّتًا إِلَّا وَعَلَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ فَإِنْ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ فَحَسَنٌ وَسَتْرُهُ كُلُّهُ حَسُنٌ وَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُ مِنَ السِّتْرِ لَهُ سِتْرُ عَوْرَتِهِ

وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُفْضِيَ الْغَاسِلُ إِلَى فَرْجِ الْمَيِّتِ إِلَّا وَعَلَيْهِ خِرْقَةٌ وَسَيَأْتِي وَصْفُ غُسْلِ الْمَيِّتِ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنْزَعْ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَمِيصُ الَّذِي غُسِّلَ فِيهِ وَأَنَّهُ كُفِّنَ فِيهِ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ نُودُوا أَلَّا يَنْزِعُوا الْقَمِيصَ

وَهَذَا يُعَارِضُهُ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَهَذَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فِي أَثْوَابِهِ قَمِيصٌ

وَتَوْجِيهُ الْحَدِيثَيْنِ عِنْدِي أَيْ لَا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ حَتَّى تَغْسِلُوهُ فِيهِ

وَكَذَلِكَ جَاءَ الْحَدِيثُ أَنَّهُ غَسَلَ فِي قَمِيصِهِ صلى الله عليه وسلم فَاقْتَصَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ الْغُسْلِ خَاصَّةً مَعَ حَدِيثِ عَائِشَةَ (لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ) يَعْنِي فِي أَكْفَانِهِ

وَقَدْ سَأَلَ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِيَ مَا الَّذِي صَحَّ عِنْدَكُمْ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ الْهَاشِمِيَّ يَقُولُ إِنَّهُ كُفِّنَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ مِنْهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الَّذِي صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>