قَالَ لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ دَفْعٌ لِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ وَلَا مَا يُعَارِضُهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ حَدِيثَ جَابِرٍ هذا هيئة التكفين بدليل قوله إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ وَيُحْسِنَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ كَفَّنَ أَخَاهُ فِي ثَوْبٍ نَقِيٍّ أَبْيَضَ أَوْ ثِيَابٍ بِيضٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَالْبَالِي وَالْجَدِيدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيْنِ مَعَ ثَوْبِي هَذَا فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ كَفَنُهُ وِتْرًا وَهِيَ السُّنَّةُ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ غُسْلُ الْمَيِّتِ وِتْرٌ وَكَفَنُهُ وِتْرٌ وَتَجْمِيرُهُ وِتْرٌ
وَقَوْلُهُ فَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ فَإِنَّهُ أَرَادَ الصَّدِيدَ وَلَا وَجْهَ لِكَسْرِ الْمِيمِ فِي الْمُهْلَةِ غَيْرَ ذَلِكَ وَبِضَمِّ الْمِيمِ شَبَّهَ الصَّدِيدَ بِعَكَرِ الزَّيْتِ وَهُوَ الْمُهْلُ وَالْمُهْلَةُ وَالرِّوَايَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ
وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يَجِدْ أَنْ يُنْقِصَ الْمَيِّتَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يُدْرَجُ فِيهَا إِدْرَاجًا لَا يُجْعَلُ لَهُ إِزَارٌ وَلَا سَرَاوِيلُ وَلَا عِمَامَةٌ وَلَكِنْ يُدْرَجُ كَمَا أُدْرِجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ الرَّجُلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ كَذَلِكَ يَنْبَغِي لِمَنْ يَجِدْ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْمَرْأَةَ عَنْ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ يُخَمَّرُ رَأْسُهَا بِالْخِمَارِ وَأَمَّا الدِّرْعُ فَيَفْتَحُ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ تَلْبَسُهُ وَلَا يُخَاطُ مِنْ جَوَانِبِهِ وَأَحَدُ اللَّفَائِفِ يُلَفُّ عَلَى حَجْزَتِهَا وَفَخْذَيْهَا حَتَّى يَسْتَوِيَ ذَلِكَ مِنْهَا بِسَائِرِ جَسَدِهَا ثُمَّ تُدْرَجُ فِي اللِّفَافَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ كَمَا يُدْرَجُ الرَّجُلُ
قَالَ عِيسَى وَالْكَفَنُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ يُجْبَرُ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمَيِّتِ تَكُونُ وَسَطًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عِيسَى فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ حَسَنٌ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً قَصِيرَةً كَفَّنَهُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى غَرِيمٍ وَلَا وَارِثٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute