تَقُومُ بِأَسَانِيدِهَا حُجَّةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا بِأَسَانِيدِهَا وَعِلَلِهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَمْشُونَ خَلْفَ الْجِنَازَةِ
وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ مولى بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ كَيْفَ الْمَشْيُ فِي الْجِنَازَةِ فَقَالَ أَمَا تَرَانِي أَمْشِي خلفها
فهذا يعارضه حديث بن شِهَابٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَثْبَتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وبن عباس وأبي هريرة والحسن بن علي وبن الزُّبَيْرِ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَأَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أنهم كانوا يمشون أمام الجنازة
وروى بن وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِمَّنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلا وَهُمْ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ لينادي بعضا ليرجع إليهم
ذكر بن الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمَشْيِ بَيْنَ يَدَيِ الْجِنَازَةِ فَقَالَ كُنَّا نَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجِنَازَةِ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا
وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَرُوِيَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَبِشْرِ بن سعيد وعطاء بن يسار وبن شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ
وَذَكَرَ هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيَرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي وَائِلٍ أَكَانَ أَصْحَابُكَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ نَعَمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَكْثَرُ عَنِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحِجَازِيِّينَ وَهُوَ الْأَفْضَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا بَأْسَ عِنْدِي بِالْمَشْيِ خَلْفَهَا وَحَيْثُ شَاءَ الْمَاشِي مِنْهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَحْظُرْ ذَلِكَ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَا ذَكَرَ أَنَّ مَشْيَ الْمَاشِي خَلْفَ الْجِنَازَةِ يُحْبِطُ أَجْرَهُ فِيهَا وَيَكُونُ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من شيع جنازة