وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَ الْمَشْيُ وَالْقُعُودُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
وَعَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَا أُبَالِي قَضَيْتُ حَاجَتِي عَلَى الْقُبُورِ أَوْ فِي السُّوقِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ لِأَنَّ الْمَوْتَى يَجِبُ الِاسْتِحْيَاءُ مِنْهُمْ كَمَا يَجِبُ مِنَ الْأَحْيَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَكَذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ النَّقْلِ بِالسَّلَامِ عَلَى الْقُبُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ جماعة من أصحابه والتابعين
وَلَا أَعْلَمَ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ مُجِيزٌ ذَلِكَ من فقهاء المسلمين إلا شيء رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا وَجْهَ لَهُ
وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ له هلم يا بن أَخِي إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ لَحَدَثِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَا تَخْلُ وَسْطَ مَقْبَرَةٍ وَلَا تَبُلْ فِيهَا
وَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي الْكُرَّاسَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ كُنَّا نَشْهَدُ الْجَنَائِزَ فَمَا يَجْلِسُ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى يُؤْذَنُوا
قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
وَأَبُو بَكْرٍ هَذَا لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى اسْمٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ الْمُبَارَكِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَمَا يَنْصَرِفُ النَّاسُ حَتَّى يُؤْذَنُوا
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا قَدِيمًا
فَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَنْصَرِفُونَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُمْ أَوْ يَسْتَأْذِنُوا
وَرُوِيَ عن بن مسعود وزيد بن ثابت وعروة وبن الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْصَرِفُونَ إِذَا وُرِيَتِ الْجِنَازَةُ وَلَا يَسْتَأْذِنُونَ
هَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُمْ (رَحِمَهُمُ اللَّهُ) وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مَنْ شَيَّعَ جِنَازَةً كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ وَمَنْ قَعَدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ