وَكُلُّ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ مَذْكُورٌ فِي التَّمْهِيدِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) أُرَخِّصُ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ بِلَا نَدْبٍ وَلَا نِيَاحَةٍ لِمَا فِي النِّيَاحَةِ مِنْ تَجْدِيدِ الْحُزْنِ وَمَنْعِ الصَّبْرِ وَعَظِيمِ الْإِثْمِ
قَالَ وَمَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ عَائِشَةُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) أَشْبَهُ بِدَلَائِلِ الْكِتَابِ ثُمَّ تَلَا (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الْأَنْعَامِ ١٦٤ وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ وَمَا زِيدَ فِي عَذَابِ الْكَافِرِ فَبِاسْتِيجَابِهِ لَا بِذَنْبِ غَيْرِهِ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ في تصويب عائشة في إنكارها على بن عُمَرَ هُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافَهُ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَابِ سَوَاءٌ
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ مَا رُوِيَ عن عمر وبن عُمَرَ وَالْمُغِيرَةِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَوْلِهَا
قَالُوا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُرَدَّ رِوَايَةُ الْعَدْلِ الثِّقَةِ بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الِاعْتِرَاضِ
وَذَكَرُوا نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي النِّيَاحَةِ وَلَطْمِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ
وَقَالُوا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) التَّحْرِيمِ ٦٠ وَقَالَ (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) طه ١٣٢ قَالُوا فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ مَا بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ
قَالُوا فَإِذَا عَلِمَ الْمُسْلِمُ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَالنَّهْيِ عَنْهَا وَالتَّجْدِيدِ فِيهَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ أَهْلَهُ وَنِيحَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَعَلَى قَبْرِهِ فَإِنَّمَا يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ وَلَا نَهَاهُمْ عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ فَإِذَا عُذِّبَ عَلَى ذَلِكَ عُذِّبَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ بَلَغَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوصُونَ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِالنِّيَاحَةِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ وَمَنْ أَمَرَ بِهَا فَفُعِلَتْ بَعْدَهُ كَانَتْ لَهُ ذَنْبًا فَيَجُوزُ أَنْ يُجَازَى بِذَنَبِهِ ذَلِكَ عَذَابًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى