للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا عَدَا التَّوْحِيدَ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَالْخَيْرِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورِ

وَهَذَا شَائِعٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يُؤْتَى بِلَفْظِ الْكُلِّ وَالْمُرَادُ الْبَعْضُ وَقَدْ يَقُولُ الْعَرَبُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا قَطُّ يُرِيدُ الْأَكْثَرَ مِنْ فِعْلِهِ

أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ يُرِيدُ أَنَّ الضَّرْبَ لِلنِّسَاءِ كَانَ مِنْهُ كَثِيرًا لَا أَنَّ عَصَاهُ كَانَتْ لَيْلًا وَنَهَارًا عَلَى عَاتِقِهِ

وَقَدْ فَسَّرْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ مُؤْمِنًا قَوْلُهُ حِينَ قَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَالْخَشْيَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ يُصَدِّقُ بَلْ مَا تَكَادُ تَكُونُ إِلَّا مِنْ مُؤْمِنٍ عَالِمٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فَاطِرَ ٢٨

قَالُوا كُلُّ مَنْ خَافَ اللَّهَ فَقَدْ آمَنَ بِهِ وَعَرَفَهُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَخَافَ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ فِي التَّمْهِيدِ مَا يُوَضِّحُ مَا قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

وَأَمَّا قَوْلُهُ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ

فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا رَجُلٌ جَهِلَ بَعْضَ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الْقُدْرَةُ قَالُوا وَمَنْ جَهِلَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) وَآمَنَ بِهِ وَعَلِمَ سَائِرَ صِفَاتِهِ أَوْ أَكْثَرَ صِفَاتِهِ لَمْ يَكُنْ بِجَهْلِهِ بَعْضَهَا كَافِرًا وَإِنَّمَا الْكَافِرُ مَنْ عَانَدَ الْحَقَّ لَا مَنْ جَهِلَهُ

وَالشَّوَاهِدُ عَلَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مِنَ التَّمْهِيدِ

وَمِنْهَا قَوْلُ الله (عز وجل) (يا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) آل عمران ٧٠

وقال (يا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) آلِ عِمْرَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>