للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ أَنَّ الْفِطْرَةَ السَّلَامَةُ وَالِاسْتِقَامَةُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ يَعْنِي عَلَى اسْتِقَامَةٍ وَسَلَامَةٍ

وَالْحَنِيفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمُسْتَقِيمُ السَّالِمُ

وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْأَعْرَجِ أَحْنَفُ عَلَى جِهَةِ التَّفَاؤُلِ كَمَا قِيلَ لِلْقَفْرِ مَفَازَةٌ

فَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَرَادَ الَّذِينَ خَلَصُوا مِنَ الْآفَاتِ كُلِّهَا مِنَ الْمَعَاصِي وَالطَّاعَاتِ بِلَا طَاعَةٍ مِنْهُمْ وَلَا مَعْصِيَةٍ إِذْ لَمْ يَعْمَلُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ) الْكَهْفِ ٧٤ لَمَّا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ لَمْ يَكْسِبِ الذُّنُوبَ

وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا وَحُجَّةً فِي التَّمْهِيدِ

وقال آخرون الفطرة ها هنا الْإِسْلَامُ قَالُوا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ

قَالُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الرُّومِ ٣٠ يَعْنِي الْإِسْلَامَ

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أبي هريرة اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الرُّومِ ٣٠

وَذَكَرُوا عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ قَالُوا (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الرُّومِ ٣٠ دِينُ اللَّهِ الْإِسْلَامُ

(لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) الرُّومِ ٣٠ قَالُوا لِدِينِ اللَّهِ

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنَّاسِ يَوْمًا أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا حَدَّثَنِي اللَّهُ فِي الْكِتَابِ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

وَكَذَلِك رَوَاهُ بَكْرُ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ حُنَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي التمهيد

<<  <  ج: ص:  >  >>