وَقَالَ آخَرُوُنَ تُضَمُّ الدَّنَانِيرُ إِلَى الدَّرَاهِمِ بِقِيمَتِهَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَضُمُّ الدَّرَاهِمَ إِلَى الدَّنَانِيرِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ أَصْلٌ وَالدَّنَانِيرُ فَرْعٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الدَّنَانِيرِ حَدِيثٌ وَلَا فِيهَا إِجْمَاعٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ عَنِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ وَرِقٍ زَكَّى قَلِيلَ الذَّهَبِ وَكَثِيرَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ ذَهَبٍ زَكَّى مَا عِنْدَهُ مِنَ الورق
وقال آخرون منهم بن أَبِي لَيْلَى وَشَرِيكٌ الْقَاضِي وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ لَا يَضُمُّ ذَهَبًا إِلَى فِضَّةٍ وَلَا فِضَّةً إِلَى ذَهَبٍ وَيَعْتَبِرُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالَ النِّصَابِ
وَإِلَى هَذَا رَجَعَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُخْبِرُ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا هُوَ النَّظَرُ الصَّحِيحُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ
وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ لِشُذُوذٍ عَنْهُمْ لَيْسَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا زَكَاةٌ
فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ فِي صِفَةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبَ فِي الزَّكَاةِ إِذَا نَقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ النِّصَابِ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَتَجَرَ فِيهَا فَلَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ حَتَّى بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِنَّهُ يُزَكِّيهَا وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ إِلَّا قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بَيَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ بَعْدَ مَا يَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ ثُمَّ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ زُكِّيَتْ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَتَجَرَ فِيهَا فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَقَدْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ دِينَارًا إِنَّهُ يُزَكِّيهَا مَكَانَهَا وَلَا يَنْتَظِرُ بِهَا أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي الْخَمْسَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي رِبْحِ الْمَالِ يَحُولُ عَلَى أَصْلِهِ الْحَوْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَصْلُ نِصَابًا قِيَاسًا عَلَى نَسْلِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي تُعَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا وَيَكْمُلُ النِّصَابُ بِهَا وَلَا يُرَاعَى بِهَا حُلُولُ الْحَوْلِ عَلَيْهَا وَرِبْحُ الْمَالِ عِنْدَهُ كَأَصْلِهِ خِلَافًا لِسَائِرِ الْفَوَائِدِ