للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ

وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدٍ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا قَالَتْ لَا قَالَ أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ فَخَلَعَتْهُمَا وَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ هُمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ

فَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي تَرْكِ زَكَاةِ الْحَلْيِ

وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بِنِ شَدَّادٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ هَذَا

وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنِ الْحَلْيِ أَثْبَتُ إِسْنَادًا وَأَعْدَلُ شَهَادَةً وَيَسْتَحِيلُ فِي الْعُقُولِ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ تَسَمَعُ مِثْلَهُ مِنْ هَذَا الْوَعِيدِ فِي تَرْكِ زَكَاةِ الْحَلْيِ وَتُخَالِفُهُ

وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهَا عُلِمَ أَنَّهَا قَدْ عَلِمَتِ النَّسْخَ مِنْ ذَلِكَ

وَقَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ تِبْرٌ أَوْ حَلْيٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِلُبْسٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَامٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهِ إِذَا كَانَ لَا يُرَادُ بِهِ زِينَةُ النِّسَاءِ

قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا التِّبْرُ الْمَكْسُورُ الَّذِي يُرِيدُ أَهْلُهُ إِصْلَاحَهُ وَلُبْسَهُ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ لَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلْإِصْلَاحِ لِلُبْسِ النِّسَاءِ فَكَأَنَّهُ حَلْيٌ صَحِيحٌ مُتَّخَذٌ لِلنِّسَاءِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ عَنِ الْحَلْيِ

وَالشَّافِعِيُّ يَرَى فِيهِ الزَّكَاةَ إِذَا كَانَ مَكْسُورًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التِّبْرِ عِنْدَهُ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِلَّا أَنَ يَكُونَ حَلْيًا يَصْلُحُ لِلزِّينَةِ وَيُمْكِنُ النِّسَاءُ اسْتِعْمَالَهُ

وَأَجْمَعُوا أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ إِذَا كَانَ جَوْهَرًا أَوْ يَاقُوتًا لَا ذَهَبَ فِيهِ وَلَا فِضَّةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ مُخْتَلِطًا بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ عُرِفَ وَزْنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَزُكِّيَ وَقَوَّمَ الجوهر المدبر عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ - عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - مَعَ سَائِرِ عُرُوضِ تِجَارَتِهِ وَإِنْ كَانَ غير مدبر زَكَّاهَا حِينَ يَبِيعُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>