للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَا يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثُ وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا

قَالَ وَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ الْمَيِّتُ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُهُ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذلك أهله لم يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إِذَا أَوْصَى بِهَا لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَهَا كَالدَّيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لَمْ يَشَأْ رَجُلٌ أَنْ يَحْرِمَ وَارِثَهُ مَالَهُ كُلَّهُ وَيَمْنَعَهُ مِنْهُ لِعَدَاوَتِهِ لَهُ إِلَّا مَنْعَهُ بِأَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ عُمُرِهِ بِمَا يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ جَمِيعًا فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ مَا أَوْصَى بِهِ لَا يَتَعَدَّى ثُلُثَهُ عَلَى سُنَّةِ الْوَصَايَا وَرَأَى أَنْ يُبْتَدَأَ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا تَأْكِيدًا لَهَا وَخَوْفًا أَنْ لَا يَحِلَّ الثُّلُثُ جَمِيعَ وَصَايَاهُ وَقَدْ قَالَ إِنَّ الْمُدْبِرَ فِي الصِّحَّةِ تبدى عليها

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ يُبَدَّى أَيْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فَكَلَامٌ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا مِيرَاثَ وَلَا وَصِيَّةَ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ

وَهَذَا أَمْرٌ مَجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الزَّكَاةَ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا بِمَنْزِلَةِ تَبْدِيَةِ الدَّيْنَ عَلَيْهَا وَعَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْوَصَايَا وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَمْرًا لَأَشْكَلَ فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ لَفْظُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَمَا اسْتَحْسَنَهُ لِلْوَرَثَةِ إِنْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَمُسْتَحْسَنٌ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَرَى الزَّكَاةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

وذكر بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ وَعَلَيْهِ مَا تَحَمَّلَ

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِي إِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا أَنَّهَا بمنزلة الدين تأخذ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الزَّكَاةُ يُبْدَأُ بها قبل ديون الناس ثم يقسم ما له بَيْنَ غُرَمَائِهِ لِأَنَّ مَنْ وَجَبَتْ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي مَالِهِ شَيْءٌ حَتَّى تُخْرَجَ الزَّكَاةُ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مَا لَمْ يُوقِفِ الْحَاكِمُ مَالَهُ لِلْغُرَمَاءِ

قَالَ أَبُو ثَوْرٍ الزَّكَاةُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فَنَظَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>