قال أبو عمر قول عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ مِنْ زَكَاةِ الْعَيْنِ وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى مَنْ غَلَبَهُ دَيْنٌ
وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ إِنْ كَانَ عِنْدَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنَ الْعُرُوضِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ فِيمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ
وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَى الدَّيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَأَنَّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ وَالزَّكَاةَ فِي عَيْنِ مَا بِيَدِهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ الدَّيْنَ إِذَا ثَبَتَ لَمْ يُزْكِّ أَمْوَالَ التِّجَارَةِ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِهَا إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ الدَّيْنَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجْعَلُ دَيْنَهُ فِي الْعُرُوضِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ فِي عَيْنٍ إِنْ كَانَ لَهُ وَكَانَ قَادِمًا عَلَيْهِ لَأَنَّ الْعُرُوضَ لَمَّا لَمْ تَجِبْ فِي عَيْنِهَا الزَّكَاةُ لَمْ تُوجَبْ زَكَاةٌ وَمَرَّةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ
وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدَّيْنُ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ وَيُجْعَلُ فِي الدَّنَانِيرِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنْ فَضَلَ كَانَ فِي السَّائِمَةِ وَلَا يُجْعَلُ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ وَلَا دَارِ السُّكْنَى إِلَّا إِذَا فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ وَتُجْعَلُ فِي الدَّرَاهِمِ دُونَ خَادِمٍ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ
وَقَالَ مَالِكٌ الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ زَكَاةَ السَّائِمَةِ وَلَا عُشْرَ الْأَرْضِ وَيَمْنَعُ زَكَاةَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَصَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي الْعِيدِ
هَذِهِ رواية بن القاسم عنه
وقال بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ يَذْكُرْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الدَّيْنُ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ وَلَا يَمْنَعُ عُشْرَ الْأَرْضِ
وَقَالَ بن أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ
وَقَالَ زُفَرُ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ إِلَّا أَنَّهُ يَجْعَلُهُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ طَعَامًا وَفِي يَدِهِ طَعَامٌ لِلتِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَهُ دَرَاهِمُ جُعِلَ الدَّيْنُ بِالطَّعَامِ دُونَ الدَّرَاهِمِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ لَهُ مِائَتِي دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ السُّلْطَانَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ أَخْرَجَ زَكَاتَهَا ثُمَّ قضى