وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ
قَالَ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِيهَا التِّجَارَةَ وَزَعَمَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ مَوْجُودٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَلِذَلِكَ نَزَعَ بِمَا نَزَعَ مِنْ دَلِيلِ عُمُومِ السُّنَّةِ
وَذَكَرَ عن عائشة وبن عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا - لَعَمْرِي - مَوْجُودٌ عَنْ هَؤُلَاءِ وَعَنْ غَيْرِهِمْ مَحْفُوظٌ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ وَلَا زَكَاةَ إِلَّا فِي الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَلَيْسَ هَذَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَاتِ وَإِنَّمَا هَذَا عِنْدَهُمْ عَلَى زَكَاةِ الْعُرُوضِ الْمُقْتَنَاةِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَةِ حَتَّى تباع إلا بن عَبَّاسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَذَكَرَ دَاوُدُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا أَرَى الزَّكَاةَ فِي الْعُرُوضِ عَلَى التَّاجِرِ الَّذِي يَبِيعُ الْعَرْضَ بِالْعَرْضِ وَلَا يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَى مَنْ بَارَتْ عَلَيْهِ سِلْعَتُهُ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ حَتَّى يَبِيعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ وَيَنِضَّ ثَمَنُهَا بِيَدِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ كَانَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا لَهُ حُجَّةٌ فِي إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَةِ لَكَانَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أنه يقوم العروض ويزكيها إدا نَضَّ لَهُ أَقَلُّ شُيْءٍ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ يُزَكِّي الْعَرْضَ إِذَا بَاعَهُ غَيْرُ الْمُدِيرِ سَاعَةَ يَبِيعَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَرَى فِيهِ الزَّكَاةَ إِذَا لَمْ يَسْتَأْنِفْ بِالثَّمَنِ حَوْلًا وَلَكِنَّهُ لَا يَقُولُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ ولا يقول غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ وَسَائِرِ السَّلَفِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمُ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الْعُرُوضِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ وَيَحْتَجُّ بِمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ مُغَالَطَةً
وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْ مَالِكْ أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَاحْتَجَّ أَيْضًا دَاوُدُ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهَا شَيْءٌ لِمِسْكِينٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَزَعَمَ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute