الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا وَصَفْتُ لَكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي فَرَائِضَ الْإِبِلِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كَلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمَّا احْتَمَلَتِ الزِّيَادَةُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ كَمَا رَأَيْتَ لِاحْتِمَالِ الْأَصْلِ لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ففيها ثلاث بنات لبون كقول بن شِهَابٍ
وَهَذَا أَوْلَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَأَمَّا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ وَالثَّوْرِيَّ قَالُوا إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ اسْتَقْبَلَتِ الْفَرِيضَةُ
وَمَعْنَى اسْتِقْبَالِ الْفَرِيضَةِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ وَهَذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
قَالَ سُفْيَانُ إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ تُرَدُّ الْفَرَائِضُ إِلَى أَوَّلِهَا فَإِنْ كَثُرَتِ الْإِبِلُ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ سِتِّينَ جَذَعَةٌ
وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مِثْلُ هَذَا
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْحِقَّتَانِ حَتَّى تَصِيرَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ فِي الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَفِي الْخَمْسِ شَاةٌ وَذَلِكَ فَرْضُ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ الْحِقَّتَانِ لِلْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَشَاتَانِ ثُمَّ ذَلِكَ فَرْضُهَا إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فَيَكُونُ فِيهَا حِقَّتَانِ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ اسْتَقْبَلَ بِهَا الْفَرِيضَةَ كَمَا اسْتَقْبَلَ بِهَا إِذَا زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلى مائتين فيكون فيها أربعة حِقَاقٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ اسْتَقْبَلَ بِهَا أَيْضًا ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ قولهم عن إبراهيم عن علي وبن مَسْعُودٍ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ مَا لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ فَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute