وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِأَنَّ الْخَلِيطَيْنِ لَا يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْوَاحِدِ إِلَّا إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ بِقَوْلِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَفِي سَائِمَةِ الغنم إذا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا إِلَيَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ يَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِ بِالْخِلَافِ فِيهَا وَأَنَّ الْخِلَافَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَدِيمًا
وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي الْخُلَطَاءِ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَاحْتَجَّ بِنَحْوِ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الْخُلَطَاءِ إِجْمَاعُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاةٌ فِي أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَلِيطِ بِغَيْرِهِ لِغَنَمِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُضَ أَصْلٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ بِرَأْيٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ فِي ذَلِكَ رَأْيٌ وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ عَمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) لَا يُجْتَمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَقَوْلِهِ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ وَفِي أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ شَاةٌ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْغَنَمِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي الْخُلْطَةِ لِمَالِكَيْنِ أبو لِمَالِكٍ وَاحِدٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا لَمْ يَخْتَلِفِ السَّلَفُ الْقَائِلُونَ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ أَنَّ الْخُلَطَاءَ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةً لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الْمَاشِيَةِ الْمُخْتَلِطَةِ لَا مِلْكَ الْمَالِكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ الشَّرِيكَيْنِ لَمْ يَقْتَسِمَا الْمَاشِيَةَ وَتَرَاجُعُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَنْ يَكُونَا خَلِيطَيْنِ فِي الْإِبِلِ فِيهَا الْغَنَمُ فَتُؤْخَذُ الْإِبِلُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَيُؤْخَذُ مِنْهَا صَدَقَتُهَا وَيُرْجَعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِالسَّوِيَّةِ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ
قَّالَ وَقَدْ يَكُونُ الْخَلِيطَانِ الرَّجُلَيْنِ يَتَخَالَطَانِ بِمَاشِيَتِهِمَا وَإِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاشِيَتَهُ وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حَتَّى يُرِيحَا وَيَحْلِبَا وَيَسْرَحَا وَيَسْقِيَا مَعًا فَحَلُّهُمَا وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا صَدَقَا صَدَقَةَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ لِكُلِّ حَوْلٍ