عُمَرُ مَا هَذِهِ الشَّاةُ فَقَالُوا شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ حَافِلًا يَعْنِي الَّتِي قَدِ امْتَلَأَ ضَرْعُهَا لَبَنًا وَمِنْهُ قِيلَ مَجْلِسٌ حَافِلٌ وَمُحْتَفَلٌ
وَإِنَّمَا أُخِذَتْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ غَنَمٍ كُلِّهَا لَبُونٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا رُبًّى أُخِذَ مِنْهَا أَوْ لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا مَوَاخِضَ أُخِذَ مِنْهَا وَلَكِنَّ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) كَانَ شَدِيدَ الْإِشْفَاقِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَالطَّيْرِ الْحَذِرِ وَهَكَذَا يَلْزَمُ الْخُلَفَاءُ فِيمَنْ أَمَّرُوهُ وَاسْتَعْمَلُوهُ الْحَذَرَ مِنْهُمْ وَاطَّلَاعَ أَعْمَالِهِمْ
وَكَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) إِذَا قِيلَ لَهُ أَلَا تَسْتَعْمِلُ أَهْلَ بَدْرٍ قَالَ أُدَنِّسُهُمْ بِالْوِلَايَةِ!
عَلَى أَنَّهُ قَدِ اسْتَعْمَلَ مِنْهُمْ قَوْمًا مِنْهُمْ سَعْدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ
وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ إِنَّكَ لَتَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ الْفَاجِرَ فَقَالَ أَسْتَعْمِلُهُ لِأَسْتَعِينَ بِقُوَّتِهِ ثُمَّ أَكُونُ بَعْدَ قَفَاهُ يُرِيدُ أَسْتَقْصِي عَلَيْهِ وَأَعْرِفُ مَا يَعْمَلُ بِهِ
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ الْحَافِلَ لَمْ تُؤْخَذْ إِلَّا عَلَى وَجْهِهَا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِرَدِّهَا وَوَعَظَ وَحَذَّرَ تَنْبِيهًا لِيُوقَفَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَيُنْشَرَ ذَلِكَ عَنْهُ فَتَطْمَئِنَّ نُفُوسُ الرَّعِيَّةِ وَيَخَافَ عَامِلُهُمْ
وَأَمَّا الْحَزَرَاتُ فَمَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ خَيْرُ الْمَالِ وَخِيَارُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْحَزَرَاتُ خِيَارُ الْمَالِ وَقِيلَ الْحَزَرَاتُ كَرَائِمُ الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ قَالَ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute