للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَمَّا زَكَاةُ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَقْسِمُهَا النَّاسُ عَنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُقْسَمَ عَلَى مَا أَمْكَنَ مِمَّنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا الْعَامِلِينَ فَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِذَا قَسَمَهَا رَبُّهَا وَإِنْ أَعْطَى الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ بَعْضَ الْأَصْنَافِ رَجَوْتُ أَنْ تَسَعَهَا فَأَمَّا مَا صَارَ إِلَى الْإِمَامِ فَلَا يَقْسِمُهُ إِلَّا فِيمَنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) التَّوْبَةِ ٦٠ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ وَأَهْلُ اللُّغَةِ فِي الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ الْفَقِيرُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ قَالُوا وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا يُقِيمُهُ وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ

وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الرَّاعِي

(أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ)

قَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ لِهَذَا الْفَقِيرِ حَلُوبَةً

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بن السكيت وبن قُتَيْبَةَ وَهُوَ قَوْلُ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ

وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ

وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) الْكَهْفِ ٧٩ فَأَخْبَرَ أَنَّ لِلْمَسَاكِينِ سَفِينَةً فِي الْبَحْرِ وَرُبَّمَا سَاوَتْ جُمْلَةً مِنَ الْمَالِ

وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا) البقرة ٢٧٣

قالوا فَهَذِهِ الْحَالُ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا الْفُقَرَاءَ دُونَ الْحَالِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عَنِ الْمَسَاكِينِ

قَالُوا وَلَا حُجَّةَ فِي بَيْتِ الرَّاعِي لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ الْفَقِيرَ كَانَتْ لَهُ حَلُوبَةٌ فِي حَالِ مَا قَالُوا

وَالْفَقِيرُ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَفْقُورُ كَأَنَّهُ الَّذِي نُزِعَتْ فِقْرَةٌ مِنْ ظَهْرِهِ لِشِدَّةِ فَقْرِهِ فَلَا حَالَ أَشَدُّ مِنْ هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>