للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَطِعِ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَهَا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ جِهَادُهُ حَتَّى يَأْخُذُوهَا مِنْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ لِلْإِمَامِ الْمُطَالَبَةَ بِالزَّكَاةِ وَأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا بَيِّنَةٌ كَانَ لِلْإِمَامِ أَخْذُهَا مِنْهُ

وَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى مَنِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا وَنَصَبَ الْحَرْبَ دُونَهَا أَنْ يُقَاتِلَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ أَتَى الْقِتَالُ عَلَى نَفْسِهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَالُهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي الرَّجُلِ يَقْضِي عَلِيهِ الْقَاضِي بِحَقٍّ لَآخَرَ فَيَمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ نَصَبَ دُونَهُ الْحَرْبَ قَاتَلَهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَإِنْ أَتَى الْقِتَالُ عَلَى نَفْسِهِ فَحَقُّ اللَّهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ لِلْمَسَاكِينِ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ

وَقَوْلُ مَالِكٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) عِنْدَهُ فِيمَنْ مَنَعَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) أَنْ يُجَاهِدَ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ إِلَّا بِذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَلِذَلِكَ رَأَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَتْلَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ

وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ الزَّكَاةَ مِنْ حَقِّهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

٥٦٣ - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلًا مَنَعَ زَكَاةَ مَالِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ دَعْهُ وَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ زَكَاةً مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَأَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ زَكَاةَ مَالِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ خُذْهَا مِنْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنْ صَحَّ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَيَحْتَمِلُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنَ الرَّجُلِ إِلَّا أَنَّهُ أَبَى مِنْ دَفْعِهَا إِلَى عَامِلِهِ دُونَ مَنْعِهَا مِنْ أَهْلِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِمَّنْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ أَوْ تَفَرَّسَ فِيهِ فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ بِبَلَدِهِ الدَّافِعِينَ لَهَا إِلَى الْإِمَامِ فَكَانَ كَمَا ظَنَّ

وَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ مَنْعُهُ لِلزَّكَاةِ مَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتْرَكَهَا حتى يأخذها منه فهو حق للمساكين يلزمه الْقِيَامُ بِهِ لَهُمْ

وَهَذَا الْبَابُ فِيمَنْ مَنَعَ الزكاة مقرى بِهَا

وَأَمَّا مَنْ مَنَعَهَا جَاحِدًا لَهَا فَهِيَ رِدَّةٌ بِإِجْمَاعٍ وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْمُرْتَدِ فِي بابه إن

<<  <  ج: ص:  >  >>