أَخَذَ مِنَ النَّبَطِ وَرَأَى أَنَّ الْقِطْنِيَّةَ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَأَخَذَ مِنْهَا الْعُشْرَ وَأَخَذَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ نِصْفَ الْعُشْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْقَطَانِيَّ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً وَلَمْ يَضُمَّهَا وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا عَلَى مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْقِطْنِيَّةِ وَالْحِنْطَةِ وَهُوَ اللَّيْثُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ بِهَذَا
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُخَالِفِ لِأَنَّ عُمَرَ لَوْ أَخَذَ مِنَ الْجَمِيعِ الْعُشْرَ أَوْ مِنَ الْجَمِيعِ نِصْفَ الْعُشْرِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى مَنْ ضَمَّ الْأَجْنَاسَ وَالْأَنْوَاعَ مِنَ الْحُبُوبِ وَغَيْرِهَا وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَضُمَّهَا وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ليس فيما دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ تَمْرٌ إِلَى زَبِيبٍ فَصَارَ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ضَمِّ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إِلَى بَعَضٍ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعُ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الشَّرِيكَيْنِ فِي النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَاعْتِبَارُهُ فِي مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغَ حِصَّتُهُ مِنْهُمَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَأَنَّ مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ دُونَ صَاحِبِهِ الَّذِي لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الشَّرِيكَانِ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْوَاحِدِ فَإِذَا كَانَ لَهُمَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالْحُبُوبِ وَالْمَاشِيَةِ وَلَهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ وَالْآخَرُ اعْتِدَادُ النِّصَابِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَأْخُذُونَ الزَّكَاةَ مِنَ الْحَوَائِطِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ فِي حِصَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَالشُّرَكَاءُ عِنْدَهُ أَوْلَى بِهَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْخُلَطَاءِ فِي الْمَاشِيَةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنَ الْخُلَطَاءِ فِي الْمَاشِيَةِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ الْمَاشِيَةِ
وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَمَنْ وَافَقَهُ قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيْسَ فِيمَا دُونَ