وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّ الْفَرَازِنَةَ وَمَنْ لَا دِينَ لَهُ مِنْ أجناس الرتك والهند وعبدة النيران والأوثان وكل جاحد ومكذب بِدِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَاتَلُونَ حَتَّى يُسْلِمُوا أو يعطوا الجزية فإن بذلوا الجزية قُبِلَتْ مِنْهُمْ وَكَانُوا كَالْمَجُوسِ فِي تَحْرِيمِ مَنَاكِحِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ وَسَائِرِ أُمُورِهِمْ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كُلُّ عَجَمِيٍّ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ إِنْ بَذَلَهَا وَلَا تُقْبَلُ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا مِنْ كِتَابِهِمْ
وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى الْجِزْيَةَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَجُوسِ لِأَنَّهُمْ فِي مَعْنَاهُمْ فِي أَنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ
وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ
وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا) الْأَنْعَامِ ١٥٦ يَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَقَوْلُهُ عَزَّ وجل (يا أهل الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) الْمَائِدَةِ ٦٨
قَالُوا فَلَا أَهْلَ كِتَابٍ إِلَّا أَهْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ فَبَدَّلُوهُ
وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ فِيهِ ضَعْفٌ يَدُورُ عَلَى أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ عِنْدَهُمْ وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ أَبُو زَرْعَةَ الرَّازِيُّ عَنْهُ فَقَالَ صَدُوقٌ مُدَلِّسٌ وَقَالَ مَرَّةً لَيِّنُ الْحَدِيثِ فِيهِ ضَعْفٌ قِيلَ هُوَ صَدُوقٌ قَالَ نَعَمْ كَانَ لَا يَكْذِبُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِي التَّمْهِيدِ
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَجُوسَ أَهْلُ كِتَابٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهل الكتاب الذين يعلم كتابهم على ظُهُورٍ وَاسْتِفَاضَةٍ وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَعِلْمُ كِتَابِهِمْ عَلَى خُصُوصٍ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كُتُبًا وَصُحُفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِ مِنْهَا زَبُورُ دَاوُدَ وَصُحُفُ إِبْرَاهِيمَ
وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجُوسَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ
وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّصِلَةٌ وَمُرْسَلَةٌ
مِنَ الْمُتَّصِلَةِ حَدِيثُ شِهَابٍ ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْهُ حَدَّثَنِي عروة عن