وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الرَّجُلَ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُمَا جَمِيعًا أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَلْزَمُ الرَّجُلَ فِي كُلِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُ لَهُ تَرْكُهَا وَذَلِكَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِسَبَبٍ كَالْأَبْنَاءِ الْفُقَرَاءِ وَالْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ
إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَا يَرَى النَّفَقَةَ عَلَى الِابْنِ الْبَالِغِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا
وَالشَّافِعِيُّ يَرَى النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبْنَاءِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَالزَّمْنَى وَالنَّفَقَةَ عَلَى الْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَلْزَمُهُ عِنْدَهُمَا نَفَقَتُهُ بِنِكَاحٍ كالزوجات وملك اليمين كالإماء والعبيد
وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي رَقِيقِ امْرَأَتِهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ إِلَّا من كان بخدمه وذلك واحد لا زيادة
وقال بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يُؤَدِّي الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ وَرَقِيقِهِ وَلَا يُؤَدِّي عَنِ الْأَجِيرِ وَلَكِنَّ الْأَجِيرَ الْمُسْلَمَ يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ
وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ
وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا كانت إجازة الْأَجْرِ مَعْلُومَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ مَعَ يَدِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكْسُوهُ أَدَّى عَنْهُ
قَالَ اللَّيْثُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ رَقِيقِ امْرَأَتِهِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الزَّوْجَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُخْرِجَ عنها زكاة الفطر وهي وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا وَعَنْ كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ ممن تلزمه نفقته
وهو قول بن عُلَيَّةَ أَنَهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الرَّجُلِ فِي كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَا عَنْ خَادِمِهَا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَعَلَيْهَا أَنْ تُؤَدِّيَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهَا وَخَادِمِهَا
قَالُوا وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَّا عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَعَبْدِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إِذَا لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ فَصَارَ أَصْلًا يَجِبُ الْقِيَاسُ وَرَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَيْهِ فَوَجَبَ فِي ذَلِكَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَقَدْ نَاقَضَ الْكُوفِيُّونَ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّ مَعْنَى قول بن عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَرَضَ رَسُولُ